الأشهر، وأما أبو حنيفة فإن مدة الايلاء عنده هي الأربعة الأشهر فقط إذ كان الفئ عنده إنما هو فيها، وذهب الحسن وابن أبي ليلى إلى أنه إذا حلف وقتا ما وإن كان أقل من أربعة أشهر كان موليا يضرب له الاجل إلى انقضاء الأربعة الأشهر من وقت اليمين. وروي عن ابن عباس أن المولي هو من حلف أن لا يصيب امرأته على التأبيد. والسبب في اختلافهم في المدة إطلاق الآية، فاختلافهم في وقت الفئ، وفي صفة اليمين ومدته هو كون الآية عامة في هذه المعاني أو مجملة، وكذلك اختلافهم في صفة المولي والمولى منها ونوع الطلاق على ما سيأتي بعد. وأما ما سوى ذلك فسبب اختلافهم فيه هو سبب السكوت عنها. وهذه هي أركان الايلاء: أعني معرفة نوع اليمين ووقت الفئ، والمدة، وصفة المولى منها، ونوع الطلاق الواقع فيه.
المسألة الخامسة: فأما الطلاق الذي يقع بالايلاء فعند مالك والشافعي أنه رجعي، لان الأصل أن كل طلاق وقع بالشرع أنه يحمل على أنه رجعي إلى أن يدل الدليل على أنه بائن، وقال أبو حنيفة وأبو ثور: هو بائن، وذلك أنه إن كان رجعيا لم يزل الضرر عنها بذلك لأنه يجبرها على الرجعة. فسبب الاختلاف: معارضة المصلحة المقصودة بالايلاء للأصل المعروف في الطلاق، فمن غلب الأصل قال: رجعي، ومن غلب المصلحة قال بائن.
المسألة السادسة: وأما هل يطلق القاضي إذا أبى الفئ أو الطلاق أو يحبس حتى يطلق، فإن مالكا قال: يطلق القاضي عليه، وقال أهل الظاهر: يحبس حتى يطلقها بنفسه.
وسبب الخلاف: معارضة الأصل المعروف في الطلاق للمصلحة، فمن راعى الأصل المعروف في الطلاق قال: لا يقع طلاق إلا من الزوج، ومن راعى الضرر الداخل من ذلك على النساء قال: يطلق السلطان وهو نظر إلى المصلحة العامة، وهذا هو الذي يعرف بالقياس المرسل، والمنقول عن مالك العمل به، وكثير من الفقهاء يأبى ذلك.
المسألة السابعة: وأما هل يتكرر الايلاء إذا طلقها ثم راجعها؟ فإن مالكا يقول: إذا راجعها فلم يطأها تكرر الايلاء عليه، وهذا عنده في الطلاق الرجعي والبائن. وقال أبو حنيفة:
الطلاق البائن يسقط الايلاء وهو أحد قولي الشافعي، وهذا القول هو الذي اختاره المزني.
وجماعة العلماء على أن الايلاء لا يتكرر بعد الطلاق إلا بإعادة اليمين. والسبب في اختلافهم:
معارضة المصلحة لظاهر شرط الايلاء. وذلك أنه لا إيلاء في الشرع إلا حيث يكون يمين في ذلك النكاح بنفسه لا في نكاح آخر، ولكن إن راعينا هذا وجد الضرر المقصود إزالته بحكم الايلاء، ولذلك رأى مالك أنه يحكم بحكم الايلاء بغير يمين إذا وجد معنى الايلاء.
المسألة الثامنة: وأما هل تلزم الزوجة المولى منها عدة أو ليس تلزمها؟ فإن الجمهور على أن العدة تلزمها، وقال جابر بن زيد: لا تلزمها عدة إذا كانت قد حاضت في مدة الأربعة الأشهر ثلاث حيض. وقال بقوله طائفة، وهو مروي عن ابن عباس. وحجته أن العدة إنما