صاحبه، فقال بعضهم: ليس له ذلك والكتابة مفسوخة. وما قبض منها هي بينهم على قدر حصصهم، وقالت طائفة: لا يجوز أن يكاتب الرجل نصيبه من عبده دون نصيب شريكه، وفرقت فرقة فقالت: يجوز بإذن شريكه ولا يجوز بغير إذن شريكه، وبالقول الأول قال مالك، وبالتالي قال ابن أبي ليلى وأحمد، وبالثالث قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وله قول آخر مثل قول مالك. وعمدة مالك أنه لو جاز ذلك لأدى إلى أن يعتق العبد كله بالتقويم على الذي كاتب حظه منه، وذلك لا يجوز إلا في تبعيض العتق، ومن رأى أن له أن يكاتبه رأى أن عليه أن يتم عتقه إذا أدى الكتابة إذا كان موسرا، فاحتجاج مالك هنا هو احتجاج بأصل لا يوافقه عليه الخصم، لكن ليس يمنع من صحة الأصل أن لا يوافقه عليه الخصم. وأما اشتراط الاذن فضعيف، وأبو حنيفة يرى في كيفية أداء المال للمكاتب إذا كانت الكتابة عن إذن شريكه أن كل ما أدى للشريك الذي كاتبه يأخذ منه الشريك الثاني نصيبه، ويرجع بالباقي على العبد فيسعى له فيه حتى يتم له ما كان كاتبه عليه، وهذا فيه بعد عن الأول. وأما هل تجوز مكاتبة من لا يقدر على السعي فلا خلاف فيما أعلم بينهم أن يكون قويا على السعي لقوله تعالى: * (إن علمتم فيهم خيرا) *. وقد اختلف العلماء ما الخير الذي اشترطه الله في الكاتبين في قوله: * (إن علمتم فيهم خيرا) * فقال الشافعي: الاكتساب والأمانة، وقال بعضهم: المال والأمانة، وقال آخرون الصلاح والدين. وأنكر بعض العلماء أن يكاتب من لا حرفة له مخافة السؤال، وأجاز ذلك بعضهم لحديث بريرة أنها كوتبت أن تسأل الناس وكره أن تكاتب الأمة التي لا اكتساب لها بصناعة مخافة أن يكون ذلك ذريعة إلى الزنا، وأجاز مالك كتابة المدبرة وكل من فيه بقية رق إلا أم الولد إذ ليس له عند مالك أن يستخدمها.
القول في المكاتب وأما المكاتب فاتفقوا على أن شرطه أن يكون مالكا صحيح الملك غير محجور عليه صحيح الجسم. واختلفوا هل للمكاتب أن يكاتب عبده أم لا؟ وسيأتي هذا فيما يجوز من أفعال المكاتب مما لا يجوز، ولم يجز مالك أن يكاتب العبد المأذون له في التجارة لان الكتابة عتق ولا يجوز له أن يعتق، وكذلك لا يجوز كتابة من أحاط الدين بماله، إلا أن يجيز الغرماء ذلك إذا كان في ثمن كتابته إن بيعت مثل ثمن رقبته. وأما كتابة المريض، فإنها عنده في الثلث توقف حتى يصح فتجوز أو يموت فتكون من الثلث كالعتق سواء، وقد قيل:
إن حابى كان كذلك وإن لم يحاب سعى، فإن أدى وهو في المرض عتق، وتجوز عنده