رجمان: رجم سر ورجم علانية، فما كان منه فإقرار فأول من يرجم الامام ثم الناس، وما كان ببينة فأول من يرجم البينة ثم الامام ثم الناس. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يحفر للمرجوم، وخير في ذلك الشافعي، وقيل عنه: يحفر للمرأة فقط. وعمدتهم ما خرج البخاري ومسلم من حديث جابر، قال جابر: فرجمناه بالمصلى فلما آذته الحجارة فر، فأدركنا بالحرة فرضخناه. وقد روى مسلم أنه حفر له في اليوم الرابع حفرة. وبالجملة فالأحاديث في ذلك مختلفة. قال أحمد الأحاديث على أن لا حفر، وقال مالك:
يضرب في الحدود الظهر وما يقاربه، وقال أبو حنيفة والشافعي: يضرب سائر الأعضاء ويتقي الفرج والوجه، وزاد أبو حنيفة الرأس، ويجرد الرجل عند مالك في ضرب الحدود كلها، وعند الشافعي وأبي حنيفة ما عدا القذف على ما سيأتي بعد، ويضرب عند الجمهور قاعدا ولا يقام قائما خلافا لمن قال: إنه يقام لظاهر الآية، ويستحب عند الجميع أن يحضر الامام عند إقامة الحدود طائفة من الناس لقوله تعالى: * (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) *. واختلفوا فيما يدل عليه اسم الطائفة، فقال مالك: أربعة، وقيل: ثلاثة، وقيل اثنان، وقيل: سبعة، وقيل: ما فوقها. وأما الوقت، فإن الجمهور على أنه لا يقام في الحر الشديد ولا في البرد الشديد، ولا يقام على المريض، وقال قوم: يقام، وبه قال أحمد وإسحاق، واحتجا بحديث عمر أنه أقام الحد على قدامة وهو مريض. وسبب الخلاف:
معارضة الظواهر للمفهوم من الحد، وهو أن يقام حيث لا يغلب على ظن المقيم له فوات نفس المحدود، فمن نظر إلى الامر بإقامة الحدود مطلقا من غير استثناء قال: يحد المريض، ومن نظر إلى المفهوم من الحد قال: لا يحد حتى يبرأ وكذلك الامر في شدة الحر والبرد.
الباب الثالث: وهو معرفة ما تثبت به هذه الفاحشة وأجمع العلماء على أن الزنا يثبت بالاقرار وبالشهادة. واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء الغير المزوجات إذا ادعين الاستكراه. وكذلك اختلفوا في شروط الاقرار وشروط الشهادة. فأما الاقرار فإنهم اختلفوا فيه في موضعين: أحدهما: عدد مرات الاقرار الذي يلزم به الحد. والموضع الثاني: هل من شرطه أن لا يرجع عن الاقرار حتى يقام عليه الحد؟ أما عدد الاقرار الذي يجب به الحد، فإن مالكا والشافعي يقولان: يكفي في وجوب الحد عليه اعترافه به مرة واحدة، وبه قال داود وأبو ثور والطبري وجماعة، وقال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى، لا يجب الحد إلا بأقارير أربعة مرة بعد مرة، وبه قال أحمد وإسحاق وزاد أبو حنيفة وأصحابه: في مجالس متفرقة. وعمدة مالك والشافعي: ما جاء في حديث أبي هريرة