إلا ما ورد فيه النص في حديث منقذ بن حبان أو حبان بن منقذ، وذلك كسائر الرخص المستثناة من الأصول مثل استثناء العرايا من المزابنة وغير ذلك. قالوا: وقد جاء تحديد الخيار بالثلاث في حديث المصراة وهو قوله: من اشترى مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام وأما حديث منقذ، فأشبه طرقه المتصلة ما رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) قال لمنقذ وكان يخدع في البيع إذا بعت فقل لا خلابة وأنت بالخيار ثلاثا.
وأما عمدة أصحاب مالك، فهو أن المفهوم من الخيار هو اختيار المبيع، وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون ذلك محدودا بزمان إمكان اختيار المبيع، وذلك يختلف بحسب مبيع مبيع، فكأن النص إنما ورد عندهم تنبيها على هذا المعنى، وهو عندهم من باب الخاص أريد به العام، وعند الطائفة الأولى من باب الخاص أريد به الخاص. وأما اشتراط النقد فإنه لا يجوز عند مالك وجميع أصحابه لتردده عندهم بين السلف والبيع، وفيه ضعف. وأما ممن ضمان المبيع في مدة الخيار؟ فإنهم اختلفوا في ذلك، فقال مالك وأصحابه والليث والأوزاعي: مصيبته من البائع، والمشتري أمين، وسواء أكان الخيار لهما أو لأحدهما، وقد قيل في المذهب أنه إن كان هلك بيد البائع فلا خلاف في ضمانه إياه، وإن كان هلك بيد المشتري فالحكم كالحكم في الرهن والعارية إن كان مما يغلب عليه فضمانه منه، وإن كان مما لا يغلب فضمانه من البائع. وقال أبو حنيفة: إن كان شرط الخيار لكليهما أو للبائع وحده فضمانه من البائع والمبيع عن ملكه، أما إن كان شرطه المشتري وحده فقد خرج المبيع عن ملك البائع ولم يدخل ملك المشتري الثمن، وبقي معلقا حتى ينقضي الخيار، وقد قيل عنه أن على المشتري الثمن، وهذا يدل على أنه قد دخل عنده في ملك المشتري.
وللشافعي قولان: أشهرهما: أن الضمان من المشتري لأيهما كان الخيار. فعمدة من رأى أن الضمان من البائع على كل حال أنه عقد غير لازم فلم ينقل الملك عن البائع كما لو قال بعتك ولم يقل المشتري قبلت. وعمدة من رأى أنه من المشتري تشبيهه بالبيع اللازم وهو ضعيف لقياسه موضع الخلاف على موضع الاتفاق. وأما من جعل الضمان لمشترط الخيار إذا شرطه أحدهما ولم يشترطه الثاني فلانه إن كان البائع هو المشترط فالخيار له في إبقاء المبيع على ملكه، وإن كان المشتري هو المشترط له فقط فقد صرفه البائع من ملكه وأبانه فوجب أن يدخل في ملك المشتري إذا كان المشتري هو الذي شرطه فقط قال: قد خرج عن ملك البائع لأنه لم يشترط خيارا ولم يلزم أن يدخل في ملك المشتري لأنه شرط الخيار في رد الآخر له، ولكن القول يمانع الحكم، فإنه لا بد أن تكون مصيبته من أحدهما، والخلاف آيل إلى هل الخيار مشترط لايقاع الفسخ في البيع أو لتتميم البيع؟ فإذا قلنا لفسخ البيع فقد خرج من ضمان البائع، وإن قلنا لتتميمه فهو في ضمانه.
وأما المسألة الخامسة: وهي: هل يورث خيار المبيع أم لا؟ فإن مالكا والشافعي