الماشية وجبنها وصوفها، وغلال غير متولدة بل هي منافع، وهي الأكرية والخراجات وما أشبه ذلك. فأما ما كان على خلقته وصورته فخلاف أعلمه أن الغاصب يرده كالولد مع الأم المغصوبة وإن كان ولد الغاصب. وإنما اختلفوا في ذلك إذا ماتت الأم، فقال مالك: هو مخير بين الولد وقيمة الأم وقال الشافعي: بل يرد الولد وقيمة الأم وهو القياس. وأما إن كان متولدا على غير خلقة الأصل وصورته ففيه قولان: أحدهما: أن للغاصب ذلك المتولد. والثاني: أنه يلزمه رده مع الشئ المغصوب إن كان قائما أو قيمتها إن ادعى تلفها ولم يعرف ذلك إلا من قوله، فإن تلف الشئ المغصوب كان مخيرا بين أن يضمنه بقيمته ولا شئ له في الغلة، وبين أن يأخذه بالغلة ولا شئ له من القيمة. وأما ما كان غير متولد، فاختلفوا فيه على خمسة أقوال:
أحدها: أنه لا يلزمه رده جملة من غير تفصيل. والثاني: أنه يلزمه رده من غير تفصيل أيضا.
والثالث: أنه يلزمه الرد إن أكرى، ولا يلزمه الرد إن انتفع أو عطل. والرابع: يلزمه إن أكرى أو انتفع، ولا يلزمه إن عطل. والخامس: الفرق بين الحيوان والأصول، أعني أنه يرد قيمة منافع الأصول، ولا يرد قيمة منافع الحيوان، وهذا كله فيما اغتل من العين المغصوبة مع عينها وقيامها. وأما ما اغتل منها بتصريفها وتحويل عينها كالدنانير فيغتصبها فيتجر بها فيربح، فالغلة له قولا واحدا في المذهب، وقال قوم: الربح للمغصوب وهذا أيضا إذا قصد غصب الأصل.
وأما إذا قصد غصب الغلة دون الأصل فهو ضامن للغلة بإطلاق، ولا خلاف في ذلك سواء عطل أو انتفع أو أكرى، كان مما يزال به أو بما لا يزال به.
وقال أبو حنيفة: إنه من تعدى على دابة رجل فركبها أو حمل عليها فلا كراء عليه في ركوبه إياها ولا في حمله، لأنه ضامن لها إن تلفت في تعديه، وهذا قوله في كل ما ينقل ويحول، فإنه لما رأى أنه قد ضمنه بالتعدي وصار فذمته جازت له المنفعة كما تقول المالكية فيما اتجر به من المال المغصوب، وإن كان الفرق بينهما أن الذي اتجر به تحولت عينه، وهذا لم تتحول عينه. وسبب اختلافهم: في هل يرد الغاصب الغلة أو لا يردها اختلافهم في تعميم قوله عليه الصلاة والسلام: الخراج بالضمان وقوله عليه الصلاة والسلام: ليس لعرق ظالم حق وذلك أن قوله عليه الصلاة والسلام هذا خرج على سبب، وهو في غلام قيم فيه بعيب، فأراد الذي صرف عليه أن يرد المشتري غلته، وإذا خرج العام على سبب هل يقصر على سببه أم يحمل على عمومه؟ فيه خلاف فقهاء الأمصار مشهور، فمن قصر ههنا هذا الحكم على سببه قال إنما تجب الغلة من قبل الضمان فيما صار إلى الانسان بشبهة، مثل أن يشتري شيئا فيستغله فيستحق منه. وأما ما صار إليه بغير وجه شبهة فلا تجوز له الغلة لأنه ظالم، وليس لعرق ظالم حق، فعمم هذا الحديث في الأصل والغلة: أعني عموم هذا الحديث وخصص الثاني. وأما من عكس الامر فعمم قوله عليه الصلاة والسلام: الخراج بالضمان على أكثر من السبب الذي خرج عليه، وخصص قوله عليه الصلاة والسلام: ليس لعرق ظالم حق بأن جعل ذلك في الرقبة دون الغلة قال: لا يرد الغلة الغاصب. وأما من المعنى كما تقدم من قولنا