الضحاك: أنت تمنعني وهو لك منفعة، تسقي منه أولا وآخرا ولا يضرك؟ فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب، فدعا عمر محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله، قال محمد: لا، فقال عمر: لا تمنع أخاك ما ينفعه ولا يضرك، فقال محمد: لا، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك، فأمره عمر أن يمر به، ففعل الضحاك. وكذلك حديث عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: كان في حائط جدي ربيع لعبد الرحمن بن عوف، فأراد أن يحوله إلى ناحية من الحائط، فمنعه صاحب الحائط، فكلم عمر بن الخطاب، فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله. وقد عذل الشافعي مالكا لادخاله هذه الأحاديث في موطئه، وتركه الاخذ بها. وعمدة مالك وأبي حنيفة قوله عليه الصلاة والسلام: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه وعند الغير أن عموم هذا مخصص بهذه الأحاديث، وبخاصة حديث أبي هريرة. وعند مالك أنها محمولة على الندب، وأنه إذا أمكن أن تكون مختصة وأن تكون على الندب فحملها على الندب أولى، لان بناء العام على الخاص إنما يجب إذا لم يمكن بينهما جمع، ووقع التعارض. وروى أصبغ عن ابن القاسم: أنه لا يؤخذ بقضاء عمر على محمد بن مسلمة في الخليج. ويؤخذ بقضائه لعبد الرحمن بن عوف في تحويل الربيع، وذلك أنه رأى أن تحويل الربيع أيسر من أن يمر عليه بطريق لم يكن قبل. وهذا القدر كاف بحسب غرضنا.
(٢٥٧)