الذي يحيله به مثل الذي يحيله عليه في القدر والصفة، لأنه إذا اختلفا في أحدهما كان بيعا ولم يكن حوالة، فخرج من باب الرخصة إلى باب البيع، وإذا خرج إلى باب البيع دخله الدين بالدين. والشرط الثالث: أن لا يكون الدين طعاما من سلم أو أحدهما ولم يحل الدين المستحال به على مذهب ابن القاسم، وإذا كان الطعامان جميعا من سلم فلا تجوز الحوالة بأحدهما على الآخر حلت الآجال أو لم تحل، أو حل أحدهما ولم يحل الآخر، لأنه يدخله بيع الطعام قبل أن يستوفي كما قلنا لكن أشهب يقول: إن استوت رؤوس أموالهما جازت الحوالة وكانت تولية، وابن القاسم لا يقول ذلك كالحال إذا اختلفت ويتنزل المحال في الدين الذي أحيل عليه منزلة من أحاله، ومنزلته في الدين الذي أحال به، وذلك فيما يريد أن يأخذ بدله منه أو يبيعه له من غيره، أعني أنه لا يجوز له من ذلك إلا ما يجوز له مع الذي أحاله وما يجوز للذي أحال مع الذي أحاله عليه، ومثال ذلك إن احتال بطعام كان له من قرض في طعام من سلم، أو بطعام من سلم في طعام من قرض لم يجز له أن يبيعه من غيره قبل قبضه منه، لأنه إن كان احتال بطعام كان من قرض في طعام من سلم نزل منزلة المحيل في أنه لا يجوز له بيع ما على غريمه قبل أن يستوفيه لكونه طعاما من بيع، وإن كان احتال بطعام من سلم في طعام من قرض نزل من المحتال عليه منزلته مع من أحاله، أعني أنه ما كان يجوز له أن يبيع الطعام الذي كان على غريمه المحيل له قبل أن يستوفيه، كذلك لا يجوز أن يبيع الطعام الذي أحيل عليه وإن كان من قرض، وهذا كله مذهب مالك، وأدلة هذه الفروق ضعيفة. وأما أحكامها فإن جمهور العلماء على أن الحوالة ضد الحمالة، في أنه إذا أفلس المحال عليه لم يرجع صاحب الدين على المحيل بشئ، قال مالك وأصحابه: إلا أن يكون المحيل غره فأحاله على عديم، وقال أبو حنيفة: يرجع صاحب الدين على المحيل إذا مات عليه مفلسا أو جحد الحوالة وإن لم تكن له بينة، وبه قال شريح وعثمان البتي وجماعة. وسبب اختلافهم: مشابهة الحوالة للحمالة.
(٢٤٣)