أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ضمنه وديعة ذهبت من بين ماله محمول على التفريط من أنس في حفظها، فلا منافاة (إلا أن يتعدى) الوديع (أو يفرط في حفظها) أي الوديعة فتتلف، فيضمنها لما تقدم (وإن شرط) رب الوديعة (عليه) أي الوديع (ضمانها) أي الوديعة لم يصح الشرط، ولا يضمنها الوديع، لأنه شرط ينافي مقتضى العقد. فلم يصح وتقدم، (أو قال) الوديع: (أنا ضامن لها) أي الوديعة (لم يضمن) ما تلف بغير تعد أو تفريط، لأن ضمان الأمانات غير صحيح، وتقدم فلذلك قال: (وكذلك كل ما أصله الأمانة) كالرهن والعين المؤجرة والموصى بنفعها ونحوها لا يصح شرط ضمانها لما تقدم (ويلزمه) أي الوديع (حفظها) أي الوديعة (بنفسه أو وكيله، أو من يحفظ ماله عادة، كزوجة وعبد، كما يحفظ) الوديعة (ماله في حرز مثلها عرفا، كحرز سرقة) (1) لقوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * [النساء: 58]، ولا يمكن ذلك إلا بالحفظ كما ذكر. قال في الرعاية: من استودع شيئا حفظه في حرز مثله عاجلا مع القدرة وإلا ضمن (إن لم يعين ربها حرزا) فإن عينه تعين هو أو مثله. ويأتي (فإن لم يحرزها) الوديع (في حرز مثلها) مع عدم التعيين ضمنها، لأنه مفرط (أو سعى) الوديع (بها إلى ظالم، أو دل) الوديع (عليها لصا فأخذها) اللص (ضمنها) الوديع لتعديه، أو تفريطه، (وإن وضعها) الوديع (في حرز مثلها ثم نقلها) الوديع (عنه إلى حرز مثلها، ولو كان) المنقول إليه (دون) الحرز (الأول لم يضمن) الوديع الوديعة، لأن صاحبها رد حفظها إلى اجتهاده، ولم يحصل منه تفريط (ولو كانت العين) المقصود حفظها (في بيت صاحبها، فقال) صاحبها (لرجل، بأجرة أو) ب (لا) أجرة:
(احفظها في موضعها، فنقلها) المستحفظ (عنه) أي عن موضعها (من غير خوف ضمنها، لأنه ليس بمودع) بفتح الدال (إنما هو وكيل في حفظها في موضعها) فهو متعد بنقلها، لأنه غير مأذون فيه (إلا أنه يخاف) المستحفظ (عليها) التلف (فعليه إخراجها) لأنه من حفظها في