إن كان موافقا فالحكم ثابت بلا اشكال ولا غرض في اسناده إلى المرسل مع ذلك الدليل وحده أو إليه مع المرسل وإن كان مخالفا فاما أن يكون راجحا عليه أو مرجوحا فإن كان راجحا قدم على المرسل مع القول بأنه حجة وإن كان مرجوحا لم يقدم عليه وحينئذ ينبغي لمن يعمل به عند الدليل مطلقا أن يعمل به ههنا لرجحانه وهو يصير إلى أن المرسل حجة والتفريع على خلافه ولا ينفع التعلل بأنه حجة ضعيفة في أن يدفع بأدنى معارض وإن كان مرجوحا لان ذلك بحث جدلي لا طائل تحته (وأما) اعتضاده بمسند فإذا كان المسند صحيحا كان العمل به لا بالمرسل (وأما) اعتضاده بمرسل آخر فإذا لم يكن المرسل حجة لم يفد اقترانه بما ليس بحجة وكذلك قول الصحابي وفعله وقول الأكثرين والانتشار (وأما) القياس فإن كان قياسا صحيحا فهو حجة في نفسه غير مفتقر إلى المرسل ولا يصير المرسل به حجة كما لو اقترن بالقياس الصحيح قياس فاسد وإن كان ذلك القياس لا يجوز التمثيل به لو أنفرد فقد انضم ما ليس بحجة وغاية ما يتخيل أن الشافعي لم يلاحظ في ذلك الا قوة الظن فان المرسل يثير ظنا ضعيفا وليس كالقياس الفاسد وما لا يثير ظنا أصلا فإذا اقترن المرسل المثير للظن بأمر مقوم للظن جاز أن ينتهى إلى حد يتمسك به ثم ذلك الحد ليس مما يضبط بعبارة شاملة بل هو موكول إلى نظر المجتهد وههنا تتفاوت رتب العلماء وتفارق المجتهدين من سواهم من الجامدين على أمور كلية يطردونها في كل ورد وصدر وإنما جمد على ذلك أكثر المتأخرين لبعدهم عن التكيف بفهم نفس الشريعة والتمييز بين مراتب الظنون وما يقتضي نفس الشارع في اعتباره والغاية وهذه رتبة عزيزة سبق إليها المتقدمون ولو حاول محاول ضبط ما يحصل من اجتماع تلك الأمور
(٢٠٥)