فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر عليه بأمور أن يسنده غيره من الحفاظ المأمورين بمثل معنى ما روى أو موافقة مرسل غيره وهي أضعف من الأولى أو موافقة قول صحابي أو أقوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روى فإذا وجدت الدلائل لصحة حديثه بما وصفت أحببت أن يقبل مرسله ولا يستطيع أن يزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل فاما من يعد من كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أعلم واحدا منهم يقبل مرسله واعلم أن في قول الشافعي أحببت أن يقبل فيه إشكال لأنه لا تخيير في إثبات الأحكام بل اما أن يظهر موجبها فيجب أولا فيحرم فإن كان المرسل إذا اقترن به شئ من ذلك حجة وجب العمل به وان لم يكن حجة حرم العمل به فيحتمل أن يكون مراده أنه لا تثبت الحجة به ثبوتها بالمتصل أي لا يكون مثل المتصل وإن كانت الحجة به ثابتة وتظهر فائدة ذلك فيما إذا عارضه فيقدم المتصل عليه ويحتمل أن يكون مراده أنه لا يجب العمل به لمجرد اقترانه بمرسل آخر أو قول صحابي أو فتيا أكثر أهل العلم ولا يرد معها أو يطلب دليل آخر مجرد كما لم يرد أصلا بل يجب النظر في ذلك وفيما يعارضه أو يوافقه من بقية الأدلة كالقياس وشبهه والعمل بما يترجح من الظن والله أعلم * وقال الماوردي إنه حكي عن الشافعي أنه أخذ بمراسيل سعيد في القديم وجعلها بانفرادها حجة لأنه لم يرسل حديثا إلا وجد مسندا ولا يروي اخبار الآحاد ولا يحدث الا بما سمعه من جماعة أو عضده قول الصحابة أو رواه منتشرا عند الكافة أو وافقه فعل أهل العصر كونه إنما أخذ عن أكابر الصحابة ومراسيله سبرت
(٢٠٣)