في ديوان الحكم أثبته، إذا كان عارفا بعين المقر واسمه ونسبه، أو قامت البينة العادلة عنده بذلك، وإن أنكر ما ادعي عليه قال للمدعي: قد أنكر دعواك، فإن قال: لي بينة، أمر بإحضارها، فإن ادعى أنها غائبة ضرب له أجلا لإحضارها وفرق بينه وبين خصمه، وله أن يطلب كفيلا بإحضاره إذا أحضر بينته، ويبرأ الكفيل من الضمان إذا انقضت مدته (1) ولم يحضرها، فإن أحضرها وكانت مرضية حكم بها، وإلا ردها.
وإذا أحضر شاهدا واحدا أو امرأتين قال له الحاكم: تحلف مع ذلك على دعواك، فإن حلف ألزم خصمه ما ادعاه، وإن أبى أقامهما، وإن لم يكن له بينة قال له: ما تريد، فإن أمسك أقامهما، وإن قال: أريد يمينه، قال أتحلف فإن قال: نعم خوفه بالله تعالى من عاقبة اليمين الفاجرة في الدنيا والآخرة.
فإن أقر بما ادعاه عليه ألزمه به، وإن أصر على اليمين عرض عليهما الصلح، فإن أجابا أمر ببعض أمنائه أن يتوسط ذلك بينهما، ولم يجز أن يلي هو ذلك بنفسه، لأنه منصوب لبت الحكم وإلزام الحق، ويستعمل الوسيط في الإصلاح ما يحرم على الحاكم فعله، وإن لم يجيبا إليه أعلم المدعي أن استحلاف خصمه يسقط حق دعواه، ويمنع من سماع بينته بها عليه. فإن نزل عن استحلافه أقامهما، فإن لم ينزل واستحلفه سقط حق دعواه، وإن نكل المدعي عليه عن اليمين ألزمه الخروج إلى خصمه بما ادعاه، وإن قال: يحلف ويأخذ ما ادعاه، قال له الحاكم أتحلف، فإن قال: لا، أقامهما، وإن قال: نعم، خوفه بالله تعالى، فإن رجع عن اليمين أقامهما، و إن حلف استحق ما ادعاه، والأكثر من هذا لا خلاف فيه، وما فيه منه الخلاف قد قدمنا ذكر المخالفين وأقوالهم [227 / أ] فيما اختلفوا فيه، والحجة عليهم، فلا نطول بذكره (2).
الأيمان تغلظ عندنا بالمكان والزمان، وهو مشروع، بدلالة إجماع الإمامية، وروايتهم:
أنه لا يحلف عند قبر النبي (عليه السلام) أحد على أقل مما يجب فيه القطع، ولقوله تعالى: {من بعد الصلاة فيقسمان بالله} (3)، وقال أهل التفسير: يعني بعد صلاة العصر. وروي عن النبي (عليه السلام): ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل بايع إمامه، فإن أعطاه وفي له، وإن لم يعطه خانه، ورجل حلف بعد العصر يمينا فاجرة ليقتطع بها مال