وإن سرقه من الجيب والكم الفوقاني فلا يقطع عليه، سواء شده في الكم من داخل أو خارج.
وقال جميع الفقهاء: عليه القطع ولم يعتبروا قميصا فوق قميص، إلا أن أبا حنيفة قال: إذا شده من داخل كمه وتركه من خارج فلا قطع عليه، وإن شده من خارج وتركه من داخل فعليه القطع، والشافعي لم يفصل (1).
ويقطع النباش والطرار إذا أخذ كل واحد منهما ما قيمته ربع دينار فصاعدا (2). وبه قال مالك والشافعي وأبو يوسف.
وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يقطع النباش، لأن القبر ليس بحرز، والكفن ليس بملك لأحد، وأجيب عن ذلك أن القبر عندنا حرز مثله، وفي الكفن وجوه أحدها أنه على حكم ملك الميت، ولا يمتنع أن يكون ملكا له في حياته، وفي حكم ملكه بعد وفاته، ألا ترى أن الدين في ذمته بعد وفاته. والثاني: أنه ملك للوارث، والميت أحق به [217 / ب] ولهذا قلنا:
لو أن سبعا أكل الميت، كان الكفن لوارثه. والثالث: أنه ليس بملك لأحد، ولا يمتنع أن لا يكون ملكا لأحد، ويتعلق به القطع كستارة الكعبة، وبواري المسجد. فإذا قيل [هو] ملك الوارث أو في حكم الملك للميت فالمطالب به الوارث. وإذا قلنا لا مالك له، فالمطالب به هو الحاكم (3).
يدل على المسألة ظاهر الآية والخبر لأن السارق هو الآخذ للشئ على جهة الاستخفاء والتفزع، فيدخل من ذكرناه في ظاهر الآية. وما روي عن عائشة وعمر بن عبد العزيز: أنهما قالا: سارق موتانا كسارق أحيائنا.
والغرم لازم للسارق وإن قطع لظاهر الآية والخبر، لأنه يقتضي إيجاب القطع على كل حال، فمن منع منه مع الغرم فعليه الدليل (4)، وهو أبو حنيفة فإنه قال: لا أجمع بين الغرم و القطع، فإذا طالبه المسروق منه بالسرقة رفعه إلى السلطان، فإن غرم له ما سرق سقط القطع، وإن سكت حتى قطعه الإمام سقط الغرم عنه، وكان صبره وسكوته حتى قطع رضى منه بالقطع عن الغرم.
وقال مالك: يغرم إن كان موسرا، ولا يغرم إن كان معسرا.