قضى على جهل.
ويجب أن يكون عدلا بلا خلاف إلا من الأصم، وخلافه غير معتد به.
وينبغي أن يكون كامل العقل، حسن الرأي، ذا حلم وورع، وقوة على القيام بما فوض إليه.
ويجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الأشياء من الأموال والحدود والقصاص وغير ذلك. وسواء في ذلك ما علمه في حال الولاية أو قبلها (1) أو بعدها في غير موضع ولايته، الباب واحد.
وللشافعي في حقوق الآدميين قولان أحدهما ما قلناه، وبه قال أبو يوسف، واختاره المزني، وعليه نص في الأم واختاره، والقول الثاني: لا يقضي بعلمه بحال، وبه قال في الفقهاء مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى وإسحاق، فأما حقوق الله تعالى فإنها تبنى على القولين، فإذا قال: لا يقضي بعلمه في حقوق الآدمين فبأن لا يقضي به [219 / أ] في حقوق الله أولى، وإذا قال: يقضي بعلمه في حقوق الآدميين ففي حقوق الله قولان، وقال أبو حنيفة ومحمد: إن علم ذلك بعد التولية في موضع ولايته حكم، وإن علم قبل التولية أو بعدها في غير موضع ولايته لم يقض به، هذا في حقوق الآدميين، فأما في حقوق الله فلا يقضي عندهم بحال.
لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} (2)، وقوله:
{يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} (3)، ومن حكم بعلمه فقد حكم بالحق والعدل، وأيضا قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة} (4)، {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (5).
ومن علمه الإمام أو الحاكم زانيا أو سارقا وجب عليه امتثال الأمر، وإذا ثبت ذلك في الحد ثبت في الأموال، لأن أحدا لم يفرق بين الأمرين، وأيضا فلو لم يقض الحاكم بعلمه، لأدى إما إلى فسقه، من حيث منع الحق الذي يعلمه، أو إعطاء ما لم يعلم استحقاقه، وإما إلى إيقاف الحكم، والأول يقتضي فسخ ولايته وإبطال أحكامه مستقبلا والثاني ينافي المقصود بها، و أيضا فإنما يحتاج إلى البينة ليغلب في الظن صدق المدعي، ولا شبهة في أن العلم بصدقه آكد من