ولم يقل أحد من أهل اللغة أن المكلب هو المضري والممرن على أن حمل مكلبين على ما ذكروه يقتضي التكرار، لأنا استفدنا هذا المعنى من قوله تعالى (وما علمتم) وحملها على ما قلناه يفيد فائدة زائدة على ذلك، وهو أن هذا الحكم يختص بالكلاب دون غيرها.
والكلب يعتبر في كونه معلما أن يرسله صاحبه فيسترسل، ويزجره فينزجر، ولا يأكل مما يمسكه، ويتكرر هذا منه، حتى يقال في العادة: إنه معلم (1) وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا فعل ذلك مرتين كان معلما، وما اعتبرناه مجمع عليه فلا بد لمن خالفه من دليل (2).
وما هذه حاله يحل أكل ما قتله بلا خلاف إذا سمى المسلم عند إرساله، وفي ذلك خلاف.
والتسمية شرط عند إرسال الكلب والسهم وعند الذبح (3) فما يصطاده الكلب المعلم وقتله قبل أن يدرك ذكاته ولم يأكل منه شيئا يجوز أكله، وإن أكل فإن كان معتادا لذلك لا يحل أكله، وإن كان ذلك نادرا جاز أكله.
وقال الشافعي: كل جارحة معلمة إذا أرسلت فأخذت وقتلت، فإن لم تأكل منه شيئا فهو مباح، من الطير كان أو من السبع وإن قتلت وأكلت فإن كان سبعا ففيه قولان: قال في القديم: يحل، وهو مذهب مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يحل هذا الذي أكل منه، وكل ما اصطاده وقتله فيما سلف وإن لم يأكل منه (4).
وأما التسمية فهي واجبة، فمتى لم يسم مع الذكر لم يحل أكله، وإن نسيها لم يكن به بأس، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه.
وقال الشافعي: التسمية مستحبة فإن لم يفعل لم يكن به بأس (5).
وفي الخلاصة: إذا أرسل جارحة فليقل اسم الله فإن لم يقل حلت الذبيحة لأن اسم الله تعالى مع كل مسلم كذلك قال رسول الله.
لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} (6) وإنما أخرجنا من هذا الظاهر ما تركت التسمية عليه سهوا أو نسيانا. بدليل، وما رووه من