وأما إذا انفلت ولم يرسله صاحبه فقتل الصيد، فلم يحل أكله. وبه قال جميع الفقهاء إلا الأصم فإنه قال: لا بأس بأكله (1).
وإذا استرسل بنفسه نحو الصيد، ثم رآه صاحبه فأضراه وأغراه، وصار عدوه أسرع من الأول، لم يحل أكله أيضا بدلالة الخبر وأن النبي (عليه السلام) اعتبر الإرسال والتسمية، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يحل أكله (2).
وأما إذا لم يسم عند إرساله فعند الشافعي يحل لأنه يرى التسمية غير واجبة، وكذا إذا شاركه غير واحد من الكلاب المعلمة ولم يسم أصحابها يحل عنده.
وأما إذا غاب عن العين ثم وجده مقتولا فلأصحاب الشافعي فيه طريقان: أحدهما يحل أكله قولا واحدا، والآخر: أن المسألة على قولين، وقال أبو حنيفة: إن تشاغل به وتبعه فوجده ميتا حل أكله، وإن [لم يتبعه لم يحل أكله، وقال مالك: إن وجده من يومه حل أكله، وإن] وجده بعد يوم لم يحل أكله.
لنا ما روى سعيد بن جبير عن عدي بن حاتم (3) قال: قلت: يا رسول الله إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلة والثلاث فيجده ميتا وفيه سهمه، فقال: إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل فأباحه بشرط أن يعلم أن سهمه قتله. وروي أن رجلا أتى عبد الله بن عباس فقال: إني أرمي وأصمي وأنمي، فقال له:
كل ما أصميت، ودع ما أنميت، يعني كل ما قتله وأنت تراه، ولا تأكل ما غاب عنك خبره (4).
وإذا رمى طائرا فجرحه فسقط على الأرض، فوجده ميتا، حل أكله، سواء مات قبل أن يسقط أو بعد ما سقط. وبه قال أبو حنيفة والشافعي.
وروى عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الصيد فقال: إذا رميت الصيد وذكرت اسم الله فقتل فكل وإن وقع في الماء فلا تأكل، فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك.
وقال مالك: إذا مات بعد سقوطه لا يحل أكله، لأن السقوط أعان على موته كما لو وقع في الماء (5).