قوله (عليه السلام): إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل، فأباح ذلك بشرط الإرسال والتسمية. وفي خبر آخر: فكل وإلا فلا.
ولا يحل أكل الصيد إذا أكل منه الكلب، وكان أكله معتادا، لأن ذلك يخرج [- ه] عن كونه معلما على ما قلناه، ولقوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن} (1) وما هذه حاله ممسك على نفسه دون صاحبه، فإن كان أكله نادرا لم يخرجه عن كونه معلما، لأن العالم إذا لم يخرجه السهو والغلط فيما كان عالما به عن كونه عالما بذلك بالإطلاق فالبهيمة مع فقد العقل بذلك أولى.
وكل صيد أخذ حيا ولم تدرك ذكاته لا يحل أكله (2).
إذا أدركه وفيه حياة مستقرة لكنه في زمان لا يتسع لذبحه أو كان ممتنعا فجعل يعدو خلفه، فوقف له وقد بقي من حياته زمان لا يتسع لذبحه، لا يحل أكله، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: يحل أكله.
يدل على المسألة أن ما ذكرناه مجمع على جواز أكله، وهو إذا أدركه فذبحه، وأما إذا لم يذبحه فليس على إباحته دليل، وأيضا: فقد روى أصحابنا أن أقل ما يلحق معه الذكاة أن يجده وذنبه يتحرك، أو رجله تركض، وهذا أكثر من ذلك (3) قال الشيخ: فإن قلنا بجوازه كان قويا.
ولا يحل أكل ما قتله غير كلب المسلم المعلم من الجوارح، ولا ما قتله الكلب إذا انفلت من صاحبه ولم يرسله، أو كان المسمي عند إرساله غير صاحبه الذي أرسله، أو شاركه في القتل غير واحد من الكلاب المعلمة ولم يسم أحد أصحابها، وكذا حكم كل صيد وجد مقتولا بعد ما غاب عن العين، أو سقط في ما [196 / أ] أو وقع من موضع عال، أو ضرب بسيف فانقطع نصفين ولم يتحرك واحد منهما ولا سال منه دم، كل ذلك دليله إجماع الإمامية (4).
أما ما قتله الجوارح من الطير فقال الشافعي: حكمه حكم ما قتل سباع البهائم، إن أكلت مما قتلت، فهل يحل أكل ما فلت منه؟ فيه قولان. وقال المزني: إذا أكل منه لم يحرم قولا واحدا.
وبه قال أبو حنيفة (5).