تكامل ما ذكرناه، وليس على صحته مع اختلال بعضه دليل (1) إذا قذف زوجته بزنا أضافه إلى مشاهدة، أو انتفى من حمل، كان له أن يلاعن. وإن لم يضفه إلى المشاهدة، فإن قذفها مطلقا، وليس هناك حمل، لم يجز له اللعان، وبه قال مالك. و قال أبو حنيفة والشافعي: له أن يلاعن بالزنا المطلق. (2) وإذا أخبر ثقة بأنها زنت، أو استفاضت في البلد أن فلانا زنا بفلانة زوجة الرجل، ولم ير شيئا، لا يجوز له ملاعنتها لما بيناه من أنه لا يجوز إلا بعد أن يدعي المشاهدة. وقال الشافعي يجوز لعانها في الموضعين (3).
موجب القذف في حق الزوج الحد، وله إسقاطه باللعان، وموجب اللعان في حق المرأة الحد، ولها إسقاطه باللعان، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: موجب القذف في حق الزوج اللعان فإذا قذف زوجته لزمه اللعان [180 / ب] فإن امتنع من اللعان حبس حتى يلاعن، فإذا لاعن وجب على المرأة اللعان، فإن امتنعت حبست حتى تلاعن، وقال أبو يوسف: الحد يجب بالقذف على الرجل، فأما المرأة إذا امتنعت من اللعان لم يلزمها الحد، لأنه يكون حكما بالنكول، فالحد لا يجب بالنكول.
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية ما روي أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك ابن سحماء فقال له النبي (عليه السلام): البينة وإلا فحد في ظهرك، فقال: يا رسول الله أيجد أحدنا مع امرأته رجلا يلتمس البينة. فجعل النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: البينة وإلا فحد في ظهرك (4).
وإذا كان مع الزوج البينة جاز له أن يلاعن أيضا ويعدل عن البينة لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لا عن بين العجلان (5) وزوجته، ولم يسأل عن البينة (6).
حد القذف من حقوق الآدميين، لا يستوفى إلا بمطالبة آدمي، ويورث كما يورث حقوق الآدميين، ويدخله العفو والإبراء كما يدخل في حقوق الآدميين. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: هو من حقوق الله تعالى متعلق بحق الآدمي، ولا يورث ولا يدخله العفو والإبراء، ووافق في أنه لا يستوفي إلا بمطالبة آدمي (7).