وفي النية بقوله (عليه السلام): إنما الأعمال بالنيات، والمراد أن أحكام الأعمال إنما تثبت بالنية، لما علمناه من حصول الأعمال في أنفسها من غير نية وفي الإكراه بما رووه من قوله (عليه السلام): رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ويدخل في ذلك رفع الحكم والمأثم، لأنه لا تنافي بينهما.
ويخص كون المدة أكثر من أربعة أشهر قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} (1)، فأخبر سبحانه أن له التربص في هذه المدة، فثبت أن ما يلزمه من الفئة و الطلاق يكون بعدها.
ويخص كونها مدخولا بها قوله تعالى: {فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم} (2) لأن المراد بالفئة العود إلى الجماع بلا خلاف، ولا يقال: عاد إلى الجماع، إلا لمن تقدم منه فعله، وهذا لا يكون إلا في المدخول بها.
ولا يصح اعتماد المخالف على ظاهر قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} (3) لأنا نخص ذلك بالدليل، على أنا نمتنع من تسمية من أخل ببعض ما اشترطناه موليا، فعليهم أن يدلوا على ذلك حتى تتناوله الآية، ولا دليل لهم عليه (4).
وقال الشيخ في الخلاف: الإيلاء في الرضا والغضب سواء، إذا قصد به الإيلاء، بدلالة عموم الأخبار. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي وإن لم يعتبر النية. وقال مالك: إن إلى في حال الغضب كان موليا، وإن آلى في حال الرضا لم يكن موليا. (5) إذا قال: [والله] لا جامعتك، لا أصبتك، لا وطئتك وقصد به الإيلاء كان إيلاء. وقال الشافعي: هذا صريح (6).
ولو قال: [والله] لا باشرتك، لا لامستك، لا باضعتك، وقصد به الإيلاء والعبارة عن الوطئ كان موليا، وإن لم يقصد لم يكن بها موليا، وللشافعي فيه قولان: قال في القديم:
صريح. وقال في الجديد كناية، فإن نوي الإيلاء كان موليا. (7) وإذا تكاملت هذه الشروط في الإيلاء، فمتى جامع حنث، ولزمته كفارة يمين، وإن