ومنها أن يكون الظهار بمحضر من شاهدي عدل (1)، ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك (2) لنا على ما ذكرناه من الشروط ما قدمناه في اعتبار شروط الإيلاء من إجماع الإمامية ونفي الدليل الشرعي على وقوعه مع اختلال بعضها، ولا يقدح فيما اعتمدناه من إجماع الإمامية خلاف من قال من أصحابنا بوقوع الظهار مع الشرط وبحصول التحريم، وثبوت حكم الظهار مع تعليق اللفظ بغير الظهر، وبنفي الحكم بغير المدخول بها، لتميزه من جملة المجتمعين باسمه ونسبه، على أن قوله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم} (3) ينافي تعليقه بغير الظهر، وغير المدخول بها، توصف بأنها من نساء الزوج.
وإذا تكاملت شروط الظهار، حرمت الزوجة عليه، فإن عاد لما قال، بأن يؤثر استباحة الوطئ، لزمه أن يكفر قبله بعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. (4) اختلف الناس في السبب الذي يجب به كفارة الظهار على ثلاثة مذاهب: فذهب مجاهد و الثوري إلى أنها تجب بنفس التلفظ بالظهار، ولا يعتبر فيها أمر أخر. وذهب طائفة إلى أنها تثبت بظهار وعود. ثم اختلفوا في العود ما هو على أربعة مذاهب: فذهب الشافعي إلى أن العود أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع قدرته على الطلاق، فإذا وجد ذلك صار عائدا عليه، ولزمته الكفارة، وذهب مالك وأحمد إلى أن العود هو العزم على الوطئ، وذهب الزهري و الحسن وطاووس إلى أن العود هو الوطئ، وذهب داود وأهل الظاهر إلى أن العود هو تكرار الظهار وإعادته.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الكفارة في الظهار لا تستقر في الذمة بحال، وإنما يراد لاستباحة الوطء ء فيقال للمظاهر عند إرادة الوطء ء: إن أردت أن يحل لك الوطء ء فكفر، وإن لم ترد استباحة الوطء ء فلا تكفر، كما يقال لمن أراد أن يصلي صلاة تطوع: إن أردت أن تستبيح الصلاة تطهر، وإن لم ترد استباحتها لم يلزمك الطهارة. فإن وطئ قبل التكفير، فقد وطئ وطئا محرما، ولا يلزمه عنده التكفير، بل يقال له عند إرادة الوطء ء الثاني والثالث: إن أردت أن يحل لك الوطء ء فكفر، وعلى هذا أبدا (5).