لنا ما رووه من أمره (عليه السلام) حين أراد تجهيز بعض الجيوش بأن يبتاع له البعير بالبعيرين و بالأبرة إلى خروج المصدق. (1) ولا يجوز لمن أسلم في شئ بيعه من المسلم إليه ولا من غيره قبل حلول أجله - وقد دخل في ذلك الشركة والتولية له لأنهما بيع - فإذا حل أجله جاز بيعه من المسلم إليه بمثل ما نقد فيه وبأكثر منه من غير جنسه ومن غير المسلم إليه بمثل ذلك وأكثر منه من جنسه و غيره، لظاهر القرآن ودلالة الأصل، إلا أن يكون المسلم فيه طعاما فإن بيعه لا يجوز قبل قبضه إجماعا (2).
وإذا أسلف فلا يجوز أن يشرك فيه غيره، ولا أن يوليه، والشركة أن يقول له رجل:
شاركني في نصفه بنصف الثمن، والتولية أن يقول: ولني جميعه بجميع الثمن، أو نصفه بنصفه، و ذلك لا يجوز وفاقا لهما وخلافا لمالك.
لنا أن جواز ذلك يحتاج إلى دليل ولا دليل على أنهما بيع كما قلنا، وقد قال (عليه السلام): من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه، وأنه نهي عن بيع ما لم يقبض وروى أبو سعيد الخدري (3) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره (4) وأما بيع المسلم من المسلم إليه بعد حلول أجله، فقد قال بعض أصحابنا: أنه يجوز بمثل ما باعه، أو أكثر أو أقل إذا عين الثمن و قبضه قبل التفرق من المجلس سواء كان الثمن من جنس الأول، أو من غير جنسه وهو اختيار الشيخ المفيد في مقنعته (5) واختاره ابن إدريس في سرائره وقال هو الصحيح (6).
وإذا جئ بالمسلم فيه قبل محله لم يلزم المشتري قبوله ولا يجر عليه (7)، وقال الشافعي:
يجبر عليه، إن لم يكن له غرض سوى براءة الذمة، وإن كان له أي للممتنع غرض بأن كان زمان نهب أو غارة لا يجبر عليه.
لنا أنه لا يمتنع أن يكون له في تأخيره غرض لا يظهر لغيره وأن إجباره على ذلك مطلقا يحتاج إلى دليل (8).