نهى عن بيع الإنسان ما ليس عنده وقوله (عليه السلام): لا بيع إلا فيما يملك، ولم يفصل (1) بين ما أجازه المالك وما لم يجزه.
وقد دخل فيما قلناه جواز بيع أم الولد إذا مات ولدها، أو كان حيا وثمنها دينا على سيدها، ولا يقدر على قضائه إلا ببيعها (2) وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ومالك:
لا يجوز بيعها، ولا التصرف في رقبتها بوجه، وتعتق عليه بوفاته لنا مضافا إلى إجماع الإمامية وأخبارهم ما روى جابر قال: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنما نهى عن ذلك عمر.
وأما ما رواه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: أيما امرأة (أمة) ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه، فمحمول على أنه إذا مات سيدها [89 / ب] فحصلت لولدها فإنها تنعتق عليه.
وما رواه عبد الله بن عمر أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أم الولد لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، يستمتع منها مدة حياته، فإذا مات عتقت بموته، فالمعنى فيه أنه لا يجوز بيعها ما دام ولدها حيا، فإذا مات سيدها انعتقت (3).
ويدل على جواز بيعها أنها مملوكة للسيد بلا خلاف ولهذا جاز وطيها وعتقها و مكاتبتها وأخذ ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها، ولهذا وجب على قاتلها قيمتها دون الدية، فالأصل جواز بيعها لأنه في حكم الملك وإنما منعنا منه مع بقاء الولد وعدم الاستدانة لثمنها و العجز عن وفائه من غيرها بدليل، وهو الإجماع على ذلك [و] بقينا فيما عدا هذا الموضع على حكم الأصل، وقول من يقول: إذا كان ولد هذه الأمة حرا، وكان كالجزء منها، فحريته متعدية إليها، باطل لأن أول ما فيه أن يقال لهم: كيف ادعيتم أن حرية الولد يتعدى إلى الأم، و من مذهبكم أن الأم لا تتبع الولد في الأحكام بل الولد يتبعها ولهذا إذا أعتقت عتق ما في بطنها ولا تعتق هي إذا أعتق، ثم يلزمكم أن تعتق في الحال، وفي تأخر العتق إلى موت السيد ما يبطل ما قالوه، على أن مذهب الشافعي أن من زوج أمة ثم اشتراها بعد ما أولدها، لم يتعد الحرية من الولد إليها، بل هي أمة حتى تحمل منه وهي في ملكه فلا يصح له التعلق بذلك.