وأما كيفية الجهاد وما يتعلق به وبالغنائم من الأحكام: فاعلم أنه ينبغي تأخير لقاء العدو إلى أن تزول الشمس، وتصلى الصلاتان، وأن يقدم قبل الحرب الإعذار والإنذار والاجتهاد في الدعاء إلى الحق، وأن يمسك عن الحرب حتى يبدأ بها العدو لتحق الحجة عليه، ويتقلد بذلك البغي.
فإذا عزم أمير الجيش استخار الله تعالى فيه، ورغب إليه في النصر، وعبأ أصحابه صفوفا وجعل كل فريق منهم تحت راية أشجعهم وأبصرهم بالحرب، وجعل لهم شعارا يتعارفون به، وقدم الدارع أمام الحاسر ووقف هو في القلب.
وليجتهد في الوصية لهم بتقوى الله، والإخلاص في طاعته، وبذل الأنفس في مرضاته، ويذكرهم ما لهم من الثواب في الآجل، ومن الفضل وعلو الكلمة في العاجل، ويخوفهم الفرار ويذكرهم ما فيه من عاجل العار وآجل النار.
فإذا أراد الحملة أمر فريقا من أصحابه بها، وبقي هو في فريق آخر ليكونوا فئة تتحيز إليها صفوفهم، فإذا تضعضع العدو زحف هو بمن معه يبعث من أمامه على الأخذ بضم القوم فإذا زالت صفوفهم عن أماكنهم حمل هو حملة واحدة.
ولا يجوز أن يبارز أحد إلا بإذن الإمام أو من نصبه.
ولا يجوز أن يفر واحد من واحد ولا من اثنين، ويجوز من ثلاثة فصاعدا.
ويجوز قتال العدو بكل ما يرجى به الفتح من نار ومنجنيق وغيرهما [84 / ب] وإن كان فيما بينهم مسلمون، إلا إلقاء السم فإنه لا يجوز أن يلقى في ديارهم.
ولا يقاتل في أشهر الحرم من يرى لها حرمة من الكفار إلا أن يبدءوا فيها القتال.
وجميع من خالف الإسلام من الكفار يقتلون مدبرين ومقبلين، ويقتل أميرهم ويجاز على جريحهم، وكذا حكم البغاة على الإمام إن كان لهم فئة يرجعون إليها، وإن لم يكن لهم فئة، لم يتبع مدبرهم، ولم يجهز على جريحهم، ولم يقتل أسيرهم.
وأسرى من عدا من ذكرناه من المحاربين على أخذ المال إن كانوا قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا، فإن أخذوا مع القتل مالا صلبوا بعد القتل، وإن تفردوا بأخذ المال قطعوا من خلاف، وإن لم يقتلوا ولا أخذوا مالا نفوا من الأرض بالحبس أو النفي من مصر، إلى مصر دليل ذلك كله إجماع الإمامية.