أن يجلد ه من حيث لا يعلم، فظاهر الخبر أن جابر عني بقوله: كنت في من رجم ماعزا ولم يجلده رسول الله ص، إنما أراد لم يجلده في المجلس الذي رجم فيه لأنه قال: كنت في من رجم ماعزا ولم يجلده النبي ص، ولو كان قصده إلى نفي الجلد على كل حال لم يكن في قوله: كنت في من رجم، معنى أ لا ترى أن رجلا لو قال: ما أكل عمرو الطعام، وهو يريد منه ثلاثة أيام لم يجز أن يقوى قوله: فإني كنت معه طول البارحة فلم يطعم، وإنما يحسن هذا القول منه إذا كان يريد في أكله مدة ملازمته له.
وقد قيل: إن غاية ما في الخبر أن ظاهره يقتضي أن رسول الله ص ما باشر جلده بنفسه وذلك لا يدل على أنه لم يأمر غيره بجلده.
والقول في الخبر الذي يرويه نافع عن ابن عمر: أن النبي ص رجم اليهوديين ولم يجلدهما، يجري مجرى الكلام في هذا الخبر على أن هذا الخبر الذي رووه معارض بما يروونه عن النبي ص من قوله: الثيب بالثيب تجلد مائة جلدة والرجم، وهذا يعارض رواياتهم ويسقط الرجوع عن ظاهر الكتاب بها، وإذا كان هذا موجودا في رواياتهم فما ترويه الشيعة من ذلك لا يحصى كثرة من اجتماع الجلد والرجم.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن الحر البكر إذا زنى فجلد ثم عاد فجلد ثم عاد الثالثة فجلد أنه إن عاد الرابعة قتله الإمام والعبد يقتل في الثامنة، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يقولوا بشئ منه.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة، وأيضا فقد علمنا أن إيجاب القتل على من عادوا إلى الرابعة أزجر وأدعى إلى تجنب ذلك وما هو أزجر من القبائح فهو أولى، ولأننا أيضا قد علمنا أن من عاود الزنى بعد الجلد لا يكون حاله في الجرأة على الله والتجاسر على معصيته حاله في الأولى والثانية بل لا بد من أن يكون كالمتهاون