هذا الاسم فيجب أن يكون مستحقا للجلد وكأنه تعالى قال: اجلدوهما لأجل زناهما، وإذا كان الزنى علة في استحقاق الجلد وجب في المحصن كما وجب في غيره، واستحقاقه للرجم غير مناف لاستحقاقه للجلد لأن اجتماع الاستحقاقين لا يتنافى، وليس يمكنهم أن يدعوا دخول الجلد في الرجم كما يدعون دخول المسح في الغسل لأن من المعلوم أنه متميز منه وغير داخل فيه.
فإن قالوا: هذه الآية محمولة على الأبكار.
قلنا: هذا تخصيص بغير دليل.
فإن عولوا في تخصيصه على ما رووه عن النبي ص أنه قال: فإن اعترفت فارجموها، ولم يذكر الجلد.
قلنا: هذا أولا خبر واحد غاية حاله إذا سلم من كل قدح أن يوجب الظن وأخبار الآحاد لا يختص بها ظواهر الكتاب الموجبة للعلم، وإذا سلمناه فليس فيه أكثر من خلو الخبر من ذكره للجلد وذلك لا يسقط وجوبه، ألا ترى أنهم كلهم يدفعون استدلال من استدل على أن الشهادة في النكاح ليست بواجبة بأن يقول: إن الله تعالى ذكر النكاح في مواضع من الكتاب ولم يذكر الشهادة في آيات النكاح ولا شرطها، بأن يقولوا: عدم ذكر الشهادة في آيات النكاح لا يدل على أنها ليست بواجبة، وما سبيل المحتج بذلك إلا سبيل من قال: إن الوضوء ليس بواجب لأن النبي ص قال: من نام عن صلاة ونسيها فليصلها إذا ذكرها، ولم يذكر الوضوء ولم يشرطه هاهنا ولم يدل نفي اشتراطه على نفي وجوبه.
فإن احتج المخالف بما رواه قتادة عن سمرة عن الحسن بن محمد أن جابرا قال:
كنت في من رجم ماعزا ولم يجلده رسول الله ص.
فالجواب عن ذلك: أن هذا أيضا خبر واحد لا يختص به ظواهر الكتاب الموجبة للعلم وقد طعن في هذا الخبر لأن قتادة دلسه وقال: عن سمرة، ولم يقل: حدثني، وبعد فإن هذه شهادة بنفي ولا تتعلق إلا بعلمه كأنه قال: لم أعلم أن رسول الله ص جلده، وفقد علمه بذلك لا يدل على أنه لم يكن وغير ممتنع