والوجه الضمان لأنه قبض لم يأذن فيه المالك، ويتقاصان بقيمتها مع التلف).
أقول: قد وقع الخلاف في الضمان بالتلف قبل البيع للاقتصاص، فإن هذا يريد حقه من المدين وذاك يريد ثمن ماله الذي تلف بيد هذا، فإن كان المثمن والثمن متساويين من حيث القيمة فيقع التهاتر أو التقاص من الطرفين، وإن كان هذا أكثر فحقه باق بمقداره، فإذا لم يضمن كان له التقاص مرة أخرى وهل يضمن؟
قال الشيخ: لا. وقال المحقق: (الوجه الضمان) وجه الأول: إن تسلطه على المال كان بإذن من الشارع، وحينئذ لا ضمان منع كون اليد مأذونة، ووجه الثاني: هو إن مجرد الإذن الشرعي لا يقتضي عدم الضمان.
أقول: إن كان المستفاد من النصوص جواز الاقتصاص مع خلوها عن الإذن في التصرفات الأخرى وحتى عن الامساك زمانا ثم التقاص والمفروض أنه لم يكن عنده وديعة فالضمان متحقق بلا كلام، وإن تلف في حال التقاص المأذون فيه فهذا محل الكلام.
قال في الجواهر: أنه لا منافاة بين إذن الشارع وبين الضمان بعد أن لم يكن في شئ من النصوص الحكم بكونه قبض أمانة فيندرج في ما دل على عدم ضمانها كما أنه ليس في شئ من الأدلة الشرعية عنوان للأمانة الشرعية على وجه يكون المقام منها موضوعا وحكما، إذ ليس إلا الإذن في القبض لاستيفاء حقه، وهو أعم من الائتمان الذي لا يستعقب الضمان كالالتقاط ونحوه، وليس كل ما أذن الشارع في قبضه يكون أمانة خصوصا القبض لمصلحة القابض التي هي استيفاء حقه منها، بل ذلك من المالك لا يقتضي الائتمان المزبور، وحينئذ فتبقى قاعدة ضمان مال المسلم المستفادة من عموم على اليد وغيره بحالها، ويتقاصان بقيمتها مع التلف.
قلت: لكن الاستدلال بالحديث يتوقف على عمومه للمقام، لكن قاعدة اليد جعلت حكما مغيى بوجوب الأداء، وفيما نحن فيه يبنى الأخذ على عدم الرد ويريد التقاص، بل إن هذه القاعدة منصرفة عن اليد غير العدوانية، وإذا سقطت القاعدة ولا دليل غيره فالأصل عدم الضمان.