وهذه الأخبار وإن كانت ظاهرة في تمامية الحكم بالقرعة وبلا يمين إلا أنها قضية في واقعة ويمكن أن تحمل على الطائفة الدالة على أن الاقتراع، هو لتعيين من عليه الحلف وهي:
الطائفة الرابعة:
كخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري، وخبر الحلبي، فيكون طريق الجمع بين هاتين الطائفتين هو القرعة لتعيين من عليه الحلف، وحينئذ يكون الحكم باليمين عملا بقوله صلى الله عليه وآله: (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان).
ويتحصل مما ذكرنا أن قاعدة فصل الخصومة هو الأمور الثلاثة الآتية: البينة واليمين، ثم التنصيف وذلك في صورة فقدانهما لبينة أو وجدانهما لها ثم حلف كليهما أو نكولهما معا، يكون التنصيف فيما إذا كان مورد النزاع قابلا له، وإلا فلا سبيل إلا القرعة.
وأما القول بالترجيح لإحدى البينتين على الأخرى بالأكثرية عدالة أو عددا مع الالتزام بالترتيب أو عدمه فلم نجد له دليلا في الأخبار، إلا خبر أبي بصير الذي قضى فيه لأكثرهم بينة واستحلفهم، وكيف كان فلا مناص من أن يحمل الترجيح على توجه اليمين على من كانت بينته راجحة على بينة الآخر لهذه الجهة أو تلك، فالفاصل للخصومة هو اليمين تحكيما للقاعدة الكلية في باب القضاء، لأنا علمنا من خبر أبي بصير إن معنى مرجحية الأكثرية هو توجه اليمين على صاحب تلك البينة، فكذلك الكلام في صاحب البينة الأكثر عدالة.
وقد يستأنس لذلك بتقديم الإمام عليه السلام الأكثر عددا، أي سواء كانت الأخرى أعدل أو لا.
ولو وقع التعارض في مورد بين التنصيف والقرعة تقدمت أدلة القرعة، فمن خرج اسمه حلف وقضي له.
هذا هو طريق الجمع بين هذه الأخبار في هذه الصورة.