هل عنده بينة على الانكار أو لا. وأيضا فقد تقدم في المباحث السابقة الخبر (1) الدال على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرسل من يسأل عن حال الشاهدين إذا لم يعرفهما ويوقف الحكم في القضية حتى يرجع رسوله فإذا رجع وظهر عدالة الشاهدين حكم.
ولم يتضمن هذا الخبر سؤاله صلى الله عليه وآله من المدعى عليه في هذه الأثناء أو بعد رجوع الرسول عن وجود البينة عنده على جرح الشاهدين أو انكار دعوى المدعي.
ومن هنا كان القضاء للمدعي بعد إقامة البينة الجامعة للشرائط أمرا مسلما بين المسلمين.
وكيف كان فقد قال المحقق في هذا القسم: (وفيه قول آخر ذكره في الخلاف بعيد).
وهذا القول هو تقديم بينة الداخل على بينة الخارج. قال: المحقق وهو بعيد وفي الجواهر: بل لم نتحققه قولا له.
وفي المسألة أقوال أخرى: فقد فصل بعضهم فقال بعدم حجية بينة المنكر مع أقول بصلاحيتها للمعارضة مع بينة المدعي. وبعبارة أخرى المستفاد من أدلة القضاء هو عدم القضاء ببينة المدعى عليه ولكن لا تدل على عدم صلاحيتها للمعارضة مع بينة المدعي واسقاطها عن الحجية، فإذا سقطتا يقضى بالعين للحالف.
أقول: وحاصل هذا القول عدم القضاء ببينة المدعي مع وجود بينة المدعي على أو احتمال وجودها، لكن يرده أنه إذا كان كذلك فلماذا كان ديدن المسلمين على خلاف ذلك وهو القضاء للمدعي بمجرد إقامة البينة من غير سؤال من المدعى عليه عن وجود البينة عنده وعدم وجودها، كما هو شأن الفقيه في مقام الافتاء حيث يفتي على طبق الخبر بعد الفصح واليأس عما يعارضه.
وأما القول بتقديم البينة المشتملة على ذكر السبب منهما فلا دليل عليه في الأخبار، كالقول بالتقديم بالأعدلية، وأما تقديم الأكثر عددا منهما فقد يدل بعض الأخبار عليه.