ثم قال في الجواهر: (مضافا إلى أن القبض للمقاصة هو قبض ضمان لا قبض مجان، بل هو أولى من قبض السوم).
وفيه أنه فرق بين الموردين، ففي قبض السوم أقدم القابض على القبض بانيا على دفع العوض، وقد أذن المالك بالقبض إذنا مقيدا بالعوض، وإذن الشارع في القبض هناك تابع لأذن المالك.
وفيما نحن فيه قد عرفت عدم شمول قاعدة اليد للمقام أو انصراف دليلها عنه، فبين المقامين فرق واضح.
وبناء على شمول القاعدة للمقام يقع البحث في أنه هل إذن الشارع ملازم لعدم الضمان أو الإذن أعم؟ أما مع الشك في ثبوت الضمان وعدمه فهل المرجع هو عموم على اليد أو يستصحب حكم المخصص وهو (ليس على الأمين إلا اليمين)؟.
لقد تقرر في محله إن الحق استصحاب حكم المخصص، فيكون الحكم في المقام عدم الضمان مثل ما إذا قلنا بعدم شمول القاعدة من أول الأمر.
وقال العراقي: (يمكن أن يقال بأن الشك فيه مسبب عن الشك في صيرورته وليا على التصرف، فأصالة عدمها حاكمة على الأصل المزبور بعد الجزم بأن ولايته السابقة على حفظه انعدمت، واستصحاب مطلق ولايته غير جار لأنه من باب استصحاب الكلي من القسم الثالث).
قلنا: هنا مطالب، الأول: الولاية هنا ليست غير إذن الشارع في التصرف فإنه بمجرد الإذن الشرعي يكون الأمر موكولا إليه ولا نعني بالولاية إلا ذلك.
الثاني: لو سلمنا إن الولاية أمر زائد على الإذن فإن اختلاف الموجب للولاية لا يوجب الاختلاف والتعدد في الولاية نفسها، فإذا كان لشخص ولاية في التصرف في المال من جهة الائتمان في اليوم الماضي، وثبت له الولاية اليوم من جهة التقاص لم يتحقق له فردان من الولاية.
والثالث: إن عدم ثبوت الضمان بالتصرف أمس كان من جهة إذن المالك واليوم من جهة إذن الشارع. فعدم ثبوته واحد ومع الشك يستصحب بلا مانع.