أقول: اختلف الأصحاب في جواز الاقتصاص من الوديعة، فذهب الشيخ في الاستبصار والمحقق وأكثر المتأخرين كما في المسالك والجواهر إلى الجواز على كراهة، وذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى التحريم، ومنشأ الخلاف هو اختلاف الروايات بظاهرها في هذه المسألة.
فمما يدل على الجواز عموم الأدلة السابقة في المسألة المتقدمة، وخصوص خبر أبي العباس البقباق: (إن شهابا ما رآه في رجل ذهب له بألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم. قال أبو العباس فقلت له: خذها فكان الألف التي أخذ منك فأبى شهاب. قال: فدخل شهاب على أبي عبد الله عليه السلام فذكر ذلك له. فقال: أما أنا فأحب أن تأخذ وتحلف) (1) دل هذا الخبر على الجواز من غير كراهة.
(2) وخبر علي بن سليمان قال: (كتبت إليه: رجل غصب مالا أو جارية ثم وقع عنده مال لسبب وديعة أو قرض مثل خيانة أو غصب (مثل ما خانه أو غصبه) أيحل له حبسه عليه أم لا؟ فكتب: نعم يحل له ذلك أن كان بقدر حقه، وإن كان أكثر فيأخذ منه ما كان عليه ويسلم الباقي إليه إن شاء الله) (2).
ومما احتج به القائل بالتحريم بعد عمومات النهي عن التصرف في مطلق الأمانة، الدالة على عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذنه:
(1) ما عن سليمان بن خالد قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه وحلف ثم وقع له عندي مال آخذه (فآخذه) لمكان مالي الذي أخذه وأجحد وأحلف عليه كما صنع؟ قال: إن خانك فلا تخنه ولا تدخل فيما عبته عليه) (3).
(2) ما عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قلت له: الرجل يكون