مذهبهم (1).
ويمكن أن يستدل على ذلك بوجوه: الدليل الكلي بلحاظ أنهم في ذمة الاسلام، والكتاب، والسنة.
أما الأول فبيانه إن ذلك مطابق أو مستلزم للوفاء بعهدهم لشرائط الذمة فمقتضى كونهم من أهل الذمة متعهدين بشرائطها ملتزمين بأداء الجزية وغير ذلك من الأمور المشروطة عليهم هو كونهم في ذمة الاسلام وفي أمن وأمان وراحة وسلام، وعدم اجبارهم على الالتزام بمقررات الاسلام وآدابه، وعدم الزامهم بأحكام المسلمين فلهم أن يعملوا بما هو مقتضى مذهبهم فترى أن من أهم الواجبات على المسلمين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيجب حمل تاركي الصلاة على الاتيان بها وهكذا بالنسبة إلى سائر شعائر الاسلام ولكن لا يجوز ذلك بالنسبة إلى أهل الذمة وليس للمسلمين اجبارهم على الصلاة أو غيرها فإن الاسلام يتركهم وما يدينون ولهم أن يعيشوا في ظل الاسلام آمنين مطمئنين وهذا من الحقوق التي أوجب عقد الذمة لهم علينا وعلى هذا فيجوز للحاكم ارجاعهم في المرافعات إلى حكامهم. هذا.
ويمكن أن يقال: إذا حدث بينهم ما يحتاج إلى التحاكم وفصل الأمر واطلع على ذلك الحاكم الاسلامي فلا يجوز له أن يلزموهم بالرجوع إلى حكم الاسلام واعتناق ما هو المقرر عند المسلمين بل الأمر هنا بيدهم ولا مانع لهم عن الرجوع إلى حكامهم إذا اختاروا ذلك.
وأما إذا وقع أمرهم بيد الحاكم الشرعي كما إذا كانوا قد ترافعوا إليه فهنا لا دليل على جواز ترك الحكم بمقتضى الأحكام الاسلامية فإن من المعلوم أن الأحكام الإلهية الاسلامية كلها متعلقة بكل المكلفين وكافة أبناء البشر من المسلم والكافر كتابيا كان أو غيره، وإن دينهم صار منسوخا بطلوع الاسلام غاية الأمر أن الشارع قرر عقد الذمة لمصالح عالية في ذلك وهو يمنع