وقد ظهر بذلك أن مثل خبر أبان يشكل العمل به جدا كما أن فهم المراد منه أيضا أمر مشكل لأن الرجل إذا كان يأتي عندما عقل فلذا يحد فهذا جار في طرف المرأة أيضا لأن تهيئها لذلك يتحقق إذا عقلت فلا فرق بينهما وعلى هذا فلا بد من حمل الرواية على ما لا يناقض القاعدة العقلية بأن يكون المراد أن الرجل كان ناقص العقل لا مجنونا محضا فكان حال العمل عاقلا وإلا فلو كان مجنونا محضا كما أنه قد يكون المجنون كذلك ويصدر منه الأفعال حتى الزنا من غير توجه وإرادة فيكون كالحيوانات بل أسوء حالا منها فلا وجه لحده أصلا ولذا لم يعمل المشهور بهذه الرواية لأنه لا يمكن الالتزام بصدور ما يخالف الحكمة من الحكيم، فكيف يوجه الحكيم التكليف إلى المجنون الذي لا يعقل شيئا؟ وعلى الجملة فلا بد إما من حملها إن أمكن وإلا فطرحها.
وبعضهم حملوها على مجنون يتعقل المقدار الذي يكون مصححا للتكليف (1) لكنه غير تام لأنه على هذا فالمجنونة أيضا لو كانت كذلك فإنها تحد بلا فرق بينهما، وأما وجه استفادة الراوي واستظهاره الفرق بين المذكر والمؤنث فلعله هو أنه كان قد سمع من الخارج أن الإمام عليه السلام تعرض للحكم الأنثى وأنه لا يجرى عليها الحد وبعد ما سمع أن المجنون إذا زنى جلد وإن كان محصنا رجم، بدا له السؤال عن الفرق بينهما.
ويمكن أن يكون نظر الراوي من السؤال إلى نفس هذا الكلام بأن يكون مراده الاستفهام عن عدم تعرض الإمام عليه السلام للمجنونة والمعتوهة مع تعرضه عليه السلام للمجنون والمعتوه وكأنه يقول لم لا تذكر هذا الحكم في المجنونة والمعتوهة أيضا؟
الكلام فيمن حده مع الجلد، الجز والتغريب قال المحقق: وأما الجلد والتغريب فيجبان على الذكر غير المحصن