في حكم فرار الزاني في وسط الجلد ثم إن ما مر كله كان حكم فرار المحكوم بالرجم، فلو فر المحكوم بالجلد في أثنائه فلا ينفع الفرار منه شيئا وإن كان قد أصابه بعض تلك الجلدات وكان قد ثبت موجبه باقراره، وذلك لدلالة الآية الكريمة على جلد الزانية والزاني مأة جلدة فهو واجب بلا كلام ولم يرد دليل على سقوطه فلذا يجب الاكمال إذا فر وهرب في أثنائه، هذا مضافا إلى ورود الرواية الصريحة في ذلك.
فعن محمد بن عيسى بن عبد الله عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الزاني يجلد فيهرب بعد أن أصابه بعض الحد أيجب عليه أن يخلى عنه ولا يرد كما يجب للمحصن إذا رجم؟ قال: لا ولكن يرد حتى يضرب الحد كاملا قلت: فما فرق بينه وبين المحصن وهو حد من حدود الله؟ قال:
المحصن هرب من القتل ولم يهرب إلا إلى التوبة لأنه عاين الموت بعينه وهذا إنما يجلد فلا بد من أن يوفى الحد لأنه لا يقتل (1).
فترى أنها صريحة في وجوب رده واجراء الحد عليه بكامله.
نعم هنا نوع اجمال بالنسبة إلى ذيل الرواية، وما وقع من السؤال والجواب، فإن الراوي سئل عن الفرق بين مورد الرجم الذي لا يرد الهارب ومورد الجلد الذي يرد، فأجاب عليه السلام بأن المحصن هرب من القتل ولم يهرب إلا إلى التوبة لأنه عاين الموت بعينه الخ.
ولعل المراد أنه حيث عاين الموت لما قد رآه من الرجم فقد تاب لأن من عاين الموت فهو بالطبع يتوب من معاصيه.
لكن يلزم على هذا عدم قبولها كما في قصة فرعون حيث إنه قد تاب بعد ما عاين الموت فردت توبته قال الله تعالى: حتى إذا أدركه الغرق قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين الآن وقد عصيت قبل