فيختص المقام حينئذ بذلك تعبدا من غير فرق بين الخصوصيات (1)، لا يخلو عن اشكال فإنه لو كان المراد عدم قبول الشهادة مع تمامها وكمالها وذلك للتعبد بسبب الخبر المزبور كما أن الظاهر من التعبد أيضا ذلك حيث إن حقيقته الحكم بشئ مع عدمه في الواقع أو بالعكس أو الحكم بكونه من أمر مع عدم كونه منه في الواقع أو بالعكس نظير قوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء. وأولئك هم الفاسقون (2) فإنه أطلق عليهم الفاسقين مع احتمال صدقهم في الواقع ففيه أنه غير صحيح لأن الشهادة غير تامة على حسب الفرض وذلك لاحتمال التعدد بأن يكون شهادة بعضهم بشئ والآخرين على شئ آخر.
نعم لو كان المراد منه أن الشارع اعتبر الأربعة تعبدا ولم يحصل ذلك فليس فيه اشكال.
الكلام في ما لو شهد بعض بالاكراه وبعض بالمطاوعة قال المحقق: ولو شهد بعض أنه أكرهها وبعض بالمطاوعة ففي ثبوت الحد على الزاني وجهان أحدهما يثبت للاتفاق على الزناء الموجب للحد على كلا التقديرين، والآخر لا يثبت لأن الزناء بقيد الاكراه غيره بقيد المطاوعة فكأنه شهادة على فعلين.
أقول: ذهب الشيخ في المبسوط إلى الأول، واختار في الخلاف، الثاني فقال في الأول: إذا شهد اثنان أنه أكرهها وقال آخرون أنها طاوعته فلا حد عليها لأن الشهادة لم تكمل والرجل لا حد عليه أيضا وقال بعضهم: إن عليه الحد، وهو الأقوى عندي، لأن الشهادة قد كملت في حقه على الزنا لأنه زان في الحالين ومن قال بالأول، قال: لأن الشهادة لم تكمل على فعل واحد فإن الاكراه غير المطاوعة (3).