ولا يحتاج إلى بينة مع نظره لأنه أمين الله في خلقه وإذا نظر إلى رجل يسرق أن يزبره وينهاه ويمضي ويدعه قلت: وكيف ذلك؟ قال: لأن الحق إذا كان لله فالواجب على الإمام إقامته وإذا كان للناس فهو للناس (1).
وهذه صريحة في المطلوب وهو اكتفاء الإمام بعلمه وإقامة حدود الله تعالى معتمدا على ذلك.
نعم يشكل الأمر فيها من جهة تصريحها بأن السرقة من حدود الناس وأن على الإمام إذا نظر إلى رجل يسرق أن يزبره وينهاه ويدعه معللا بأن الحق إذا كان للناس فهو للناس، والحال أن الرواية الأولى صرحت بأنه إذا أقر على نفسه بالسرقة قطعه وأنه من حقوق الله.
وحيث إن المسلم بحسب الروايات هو أن السرقة وإن كانت من جهة أخذ المال من حقوق الناس إلا أنها من جهة القطع من حقوق الله سبحانه، فاللازم رفع اليد عما هو مذكور في رواية ابن خالد، فإن ذلك أمر مفروغ عنه ولذا يكتفى في جهة ماليته إلى اقرار واحد بخلاف جهة قطعه فإنه يحتاج إلى اقرارين.
وكيف كان فالحاكم يعمل في حقوق الله بعلمه بلا حاجة إلى شئ آخر، وفي حقوق الناس بشرط طلبهم والتماسهم ذلك.
في ما إذا ردت شهادة بعض الشهود قال المحقق: إذا شهد بعض وردت شهادة الباقين قال في الخلاف والمبسوط إن ردت بأمر ظاهر حد الجميع، وإن ردت بأمر خفي فعلى المردود الحد دون الباقين وفيه اشكال من حيث تحقق القذف العاري من بينة..
أقول: تارة ترد شهادة الباقين بأمر ظاهر وأخرى بأمر خفي فالأول كما إذا كان فاسقا متجاهرا لفسقه فحينئذ يحد كل الشهود أما الفاسق فمعلوم وأما سائر الشهود فلأنهم علموا أن شهادتهم غير نافذة حيث يكون من جملة الأربعة