إلا أن يلاحظ ردع الآخرين، وهو أيضا ربما لا يحصل بضرب المجنون الذي لا يدرك ولا يعقل شيئا، والآية الكريمة الآمرة بالجلد الواردة في مقام التخويف منصرفة عنه.
وعليه فليس ما حكي عن هذا البعض بهذه المثابة من البعد، ولا ينبغي أن يرمى بكونه كالاجتهاد في مقابلة النص فإنه بالحمل على مجنون لا يحس شيئا يتم كلامه.
وأما كون المجنون بهذه الحالة فهو أمر واقع وربما يكون بحيث لا يتألم مما يصيبه ولذا لا يفر ممن يريد أن يضربه، ولا يخاف منه.
وبذلك ظهر الكلام وانكشف الظلام عن فرع ربما يذكر في هذا المقام وهو أنه لو كان المجرم شللا لا يحس ألم الضرب فهل هو يجلد الحد أو يضرب بالشماريخ؟ وذلك لأنه إذا كان بهذه المثابة فلا فائدة في ضربه لأنه لا ينزجر ولا يرتدع بذلك.
هذا كله بالنسبة إلى الجنون وأما الارتداد فهو أيضا ليس بمانع عن إقامة الحد عليه بعد أن أتى بموجبه في حال اسلامه فلا يسقط الحد الواجب باعتراض الارتداد، فلو زنى وهو غير محصن يقام عليه الحد ويجلد أولا ويقتل ثانيا لارتداده، ولا وجه أصلا لسقوط جلده، ولو كان محصنا فقد اجتمع عليه الرجم والقتل وحيث إنه لا كيفية خاصة للقتل بخلاف الرجم الذي هو كيفية خاصة من القتل فلذا يقدم الرجم، والظاهر أن المطلب واضح لا يحتاج إلى مزيد بحث وبيان واستدلال فلذا نقتصر على ذلك روما للاختصار كما أن شراح الشرايع أيضا لم يتعرضوا لذلك.
حول إقامة الحد في اعتدال الهواء قال المحقق: ولا يقام الحد في شدة البرد ولا شدة الحر ويتوخى به في الشتاء وسط النهار وفي الصيف طرفاه.
أقول: وقد علل ذلك كثير من العلماء ومنهم صاحبا المسالك والجواهر