الحاكم فمن يقدم على الشهادة والحال أنه يحتمل عند نفسه أن لا يقبل الحاكم شهادته ويردها ويقيم عليه حد المفتري؟
وبتقرير آخر أنه كما قد يكون العادل عادلا في الواقع كذلك قد يكون عادلا بمقتضى الطريق وبحسب الظاهر فهو بحكم الشرع يحتسب عادلا وإن لم يكن كذلك في الواقع، والمفروض أن هذا الشاهد يرى نفسه عادلا فهو محكوم بحسب الظاهر بالعدالة وحيث إنه يعتقد قبول شهادته عند الحاكم فلا شئ عليه وإن كان علمه هذا جهلا مركبا، ومقتضى ذلك قبول شهادته، ولا فرق في ذلك بين الشاهد نفسه وبين كون القاذف يرى الشاهد عادلا مرضيا ويعتقد كونه مقبول الشهادة فلا وجه لاجراء الحد عليه كما أن الآخرين أيضا كذلك لفرض كون الأمر خفيا هذا مضافا إلى شمول حديث الرفع له ولهم أيضا.
وأما ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام من أنه قال: إني لا أكون أول الشهود فهذا لأجل أنه لو كان يشهد أولا فربما لا يأتي الآخرون للشهادة وإلا ففي ما نحن فيه لا وجه لاجراء الحد ظاهرا.
حول رجوع واحد منهم بعد شهادة الأربع قال المحقق: ولو رجع واحد بعد شهادة الأربع حد الراجع دون غيره.
أقول: ويتصور ذلك بأن يقول الراجع: ما رأيت، بعد أن كان قد شهد برؤيته أو أنه يقول: ما زنى، بعد أن كان قد شهد بزناه، سواء قال: بأني قد كذبت أو نسب نفسه إلى الغلط والاشتباه.
وهذا هو مقتضى اقرار العقلاء على أنفسهم جائز فإنه قد أقر على نفسه فيحد.
ويمكن تقرير الآية الكريمة: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا