وحينئذ يجري الكلام في الاستظهار من الأدلة وإن المستفاد من الآية الكريمة: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة " هل هو الوحدة أو التعدد والتكرار؟ وهكذا الكلام بالنسبة إلى الروايات المساوقة للآية الكريمة.
وبعبارة أخرى: يبحث في أن الموضوع في الدليل الشرعي ملحوظ في المقام بنحو صرف الوجود وأصل الطبيعة حتى لا تقبل التعدد أو أنه ملحوظ بنحو الطبيعة السارية حتى يتكرر بعد إنا نعلم أنه في مواضع بنحو الأول وأخرى بنحو الثاني، فإن من أكل مرات متعددة في يوم من شهر رمضان فليس عليه إلا كفارة واحدة ولا يوجب ذلك تكرارها وإن كان يجب عليه الامساك بعد افطاره، وهكذا باب الحدث والخبث فإن البول مهما تكرر لا يوجب إلا وضوءا واحدا، وتلطخ الثوب أو البدن بالدم مثلا لا يوجب إلا غسلا واحدا لتطهير المعتبر في الصلاة وإن كان قد تلطخ به مرارا، وهذا بخلاف من أفطر أياما من شهر رمضان فإن لكل يوم من تلك الأيام كفارة مخصوصة به، فالافطار في هذا اليوم غير الافطار في يوم آخر، وعلى الجملة فربما يوجب تعدد السبب تعدد المسبب وأخرى لا يوجبه وذلك لدلالة الدليل بعد أن القاعدة تقتضي تكرار المسببات بتكرر الأسباب والأصل عدم التداخل.
ولعله يستظهر من الآية الكريمة مثلا إن وجود العلة أي الزنا ليس مأخوذا بنحو وجود الشئ وجودا ساريا بل بنحو أصل الطبيعة وصرف الوجود غير القابل للتكرر وعلى ذلك فلا يجب إلا حد واحد لأن نفس الطبيعة غير متكررة فلا يتكرر المسبب عنها.
لا يقال على هذا فالمسألة السابقة أيضا كذلك يعني إذا كان صرف الوجود سببا للحد فإذا حد فلا يوجب الزنا التالي حد آخر لعدم تكرر صرف الطبيعة (1).
لأنا نقول: إن هذا خلاف ظاهر الدليل فإن الظاهر منه أنه بعد تحقق الزنا يجب الحد، فإذا زنى وأقيم عليه الحد ثم زنى ثانيا فلو اكتفى بالحد الأول