فإن احتمال التخصيص بعيد في النظر جدا.
ويمكن أن يقال بأن بينة الزنا حجة لم تخرج عن عموم حجية البينة بالتخصيص إلا أنها معارضة ببينة المرأة على كونها بكرا فلا يؤثر بينة الزنا في الحد لا للتخصيص بل للمعارضة فالبينتان تتعارضان وتتساقطان ولم يثبت موجب حد المرأة بل يبقى الشبهة من الطرفين فالمرأة لا تحد لعدم الحجة على زناءها، وكذا الشهود لعدم حجة على الافتراء.
وبتقرير آخر لا بد للحاكم الشرعي المجري للحد أن لا يقدم على اجراء الحد إلا أن يحصل له العلم بموجبه أو يثبت ذلك شرعا بدليل معتبر وفي المقام لم يحصل أي واحد منهما وذلك لأن المفروض هو عدم العلم، والبينة قد سقطت بالتعارض كما أن موجب حد القذف أيضا لم يثبت حتى يجري حده والحاصل أن موجب الحد في المرأة هو الزنا وفي الرامي والشهداء، الفرية وكل منهما غير معلوم ولا ثابت بالحجة الشرعية لتعارض البينتين وتساقطهما فيبقى كل من الأمرين مشكوكا ومشتبها، والحدود تدرء بالشبهات، والفرية هو الكذب، وكذب الشهود غير معلوم، ولا حجة عليها للتعارض.
ويمكن أن يقال إن الآية الكريمة: الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة.. تدل بالمفهوم على أن من رمى وأتى بأربعة مقبولي الشهادة فلا يجلد، ولا يشترط في سقوط الحد عدم المعارض فإنه لم تقيد الأربعة شهداء بكونهم غير معارضة بل يكفي في سقوط حد الرمي مجرد الاتيان بأربعة شهداء والمفروض في المقام الاتيان بأربعة شهداء كما أنه لا حد على المرأة لعدم قيام الحجة على زناها بعد قيام المعارض.
فروع في المقام ثم إن هنا فروعا تعرض لها صاحب الجواهر رحمه الله.
الأول قال: وكذا يسقط الحد عن الزاني الذي شهدوا على زناه بها قبلا أو أطلقوا للشبهة انتهى.