ويرد على الثاني إن المستفاد من الأخبار هو وجوب الحد بمجرد قيام البينة وإن التوبة مسقطة للحد لا أنه يكشف بها عن أنه لم يكن حد من أول الأمر وقد عبر عن التوبة في بعض الأخبار بالممحاة (1) الدالة على أنها تمحو ما ثبت، وعلى هذا فعلى الحاكم اجراء الحد إلى أن يعلم ويقطع بزوال الحد ورفعه، وبعبارة أخرى يستصحب الوجوب ما لم يدل دليل على سقوطه بالتوبة.
نعم لو كانت التوبة دافعة لا رافعة ومسقطة لصح القول بأنا لا نعلم تعلق الحد على من يتوب في علم الله تعالى فلم يبق مورد لاستصحابه وذلك لأن الأفراد قسمان من جعل له الحد، ومن لم يجعل له ذلك، والحد مجعول لمن لا يتوب فإذا شك في أن هذا ممن جعل له أو ممن لم يجعل له ذلك فالأصل عدمه فليس الحاكم ملزما باجراء الحد لجريان البراءة.
هذا مضافا إلى أن مقتضى عدم ثبوته في الذمة أن لا يكون حد الآن أصلا فمن أين يقال بالتخيير؟
ويرد على الثالث بقصوره سندا ودلالة، وبمعارضته بما يدل على عدم السقوط.
وعلى الأولوية بأنها لا تثبت ذلك لأنها لا تعارض الأدلة الدالة على عدم السقوط، هذا مضافا إلى أن عقاب الآخرة مرفوع قطعا فلو كانت أولوية لاقتضت سقوط الحد لا التخيير بينه وبين إقامته.
الكلام في أقسام الحد قال المحقق: النظر الثاني في الحد وفيه مقامان الأول في أقسامه وهي قتل أو رجم أو جلد وجز وتغريب.
أقول: إن العبارة غير وافية بالمراد لأنه قد يجتمع الجلد مع الرجم وقد