ولكن لم يثبت ذلك والأصل عدمه.
ويمكن الجمع بينهما بأن الآية الأخيرة متعرضة لواحد من طرفي التخيير فلا منافاة بينهما.
لا يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله كان بمقتضى الآية الثانية مأمورا بالحكم بين الناس كلهم بما أنزل الله ولعل ما أنزل الله إليه بالنسبة إلى أهل الكتاب هو ارجاعهم إلى حكامهم إذا احتكموا إليه صلى الله عليه وآله إذا لا تنافي بينهما.
لأنه يقال: إنه لا شك في نسخ الأديان السابقة بسبب الاسلام فالحكم الواقعي لكافة المكلفين وأهل الأرض بعد ذلك هو الاسلام لا غير غاية الأمر أن مقتضى عقد الذمة والمسالمة جواز ارجاعهم إلى حكامهم وبتعبير آخر أن جواز أن يحكم الحاكم الاسلامي وأن يتركهم كي يحكم بينهم حاكمهم، هو الحكم الواقعي بالنسبة إلى الحاكم، فكان حكم النبي صلوات الله عليه هو تجويز أن يعملوا بأحكامهم المنسوخة مع أداء الجزية لمصلحة مقتضية لذلك لا أن يكون هذا هو الحكم الواقعي بالنسبة إلى أهل الذمة فإن وظيفتهم قبول الاسلام والعمل بأحكامه ولذا فهم معذبون في الآخرة لو ماتوا على ذلك.
فتحصل أن التنافي بحسب الظاهر محقق وبعد أنه لم يثبت النسخ فلا محالة يجمع بين الآيتين بحمل الأولى على ذكر عدلي التخيير والثانية على ذكر واحد منهما خاصة.
وأما الثالث وهو الاخبار فهي روايات واردة في خصوص المقام أي الزنا بخلاف الدليلين الماضيين فإنهما كانا في مورد ترافع أهل الكتاب إلى النبي والحاكم الاسلامي، وعنوان بابها في الوسائل: باب وجوب إقامة الحد على الكفار إذا فعلوا المحرمات جهرا أو رفعوا إلى حكام المسلمين.
فمنها ما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال:
سألته عن يهودي أو نصراني أو مجوسي أخذ زانيا أو شارب خمر ما عليه؟ قال: