لكونه مخصصا إلا أن الذي تمسكا به من الشبهة الدارئة ليس في محله وذلك لأنه لا شبهة مع وجود المطلقات الدالة على وجوب النفي لكل زان غير محصن فلا بد من التمسك بها بعد عدم ما يصلح لكونه مخصصا.
وقد ظهر بما حققنا أن ما أفاده المحقق " بقوله: وقيل يخص التغريب بمن أملك ولم يدخل، (ثم قال): وهو مبني على أن البكر ما هو والأشبه أنه عبارة عن غير المحصن وإن لم يكن مملكا. " ليس بوجيه فإنه إذا كان الموضوع في النفي والتغريب قد جيئ به بعناوين متعددة فكيف يبتنى البحث على فهم معنى البكر الذي هو أحد تلك العناوين؟ مضافا إلى عدم خفاء في معنى البكر أصلا فإنه هو الذي لم يدخل والبكرة هي التي لم يدخل بها ففي الرواية عند التعبير عن كونها بكرا لم تزن:
إن عليها خاتما من الله، فلا اجمال في البين، ويبقى أن لنا هذه الأخبار ومقتضى عموم الموضوع في كثير منها هو تعميم الحكم بالنسبة إلى كل زان غاية الأمر خروج المحصن بالدليل والأخذ بالخاص مشكل جدا بعد أن أكثر الروايات الواردة في المقام دال على العموم والاطلاق، وأكثر العلماء قائلون بذلك، وما دل على الخصوص كرواية محمد بن قيس لم يكن كما عرفت من حيث السند والدلالة بحيث تطمئن إليها النفس وإن عبر عنها في الجواهر بالحسنة واعتمد عليها بعض أيضا ولا يعتمد على رواية رماها بعض بالضعف كما ترى تصريح المسالك باشتراك محمد بن قيس الذي هو في سلسلة رواتها.
فتحصل أن الأظهر والأقوى بحسب الاجتهاد هو ما ذكره المحقق قدس سره من التعميم وإن كل زان غير محصن يجب عليه أن ينفى من بلده كما يجب أن يجلد مأة جلدة بلا فرق بين من تزوج ولم يدخل بها أو لم يتزوج أصلا.
الكلام في أنه من أين ينفى بعد أن ثبت وتحقق وجوب النفي تصل النوبة إلى البحث في أنه من أين ينفى فهل الملاك هو وطنه أو بلد الزنا أو بلد الجلد؟