الكلام في توقع برء جلده وعدمه قال المحقق: وهل يتوقع برء جلده وعدمه؟ قيل نعم تأكيدا في الضرب وقيل: لا، لأن القصد الاتلاف.
أقول: إن في المسألة أربعة أقوال: أحدها وجوب التأخير، ثانيها استحبابه، واقتصر في الشرايع على نقل هذين، ثالثها المنع وعدم جواز التأخير رابعها جواز التأخير بيوم لا أزيد فقد حكي عن الإسكافي القول بوجوب الجلد قبل الرجم بيوم.
وقد نسب الأول إلى الشيخين وابن زهرة وابن حمزة وابن البراج وابن سعيد، واستدل على ذلك بقولهم تأكيدا للضرب والزجر.
توضيح ذلك أن للجلد ألمين أحدهما ألم ايقاع الضرب عليه، ثانيهما الألم الباقي في موضع الضرب إلى مدة حتى يبرأ، فإذا لم يتوقع البرء في المقام فقد قل ايلامه وزجره فيجب تأخيره حتى يذوق الألمين جميعا.
ونحن لا نعلم من أين استفادوا لزوم التأكيد في الزجر أفهل كان هذا استنباطا من أصل تشريع الحد حيث إنه كان للايلام وإذاقة الألم له. فاستفيد من ذلك اعتبار ايذائه وايراد الألم عليه حتى بامهاله بعد جلده إلى أن يبرأ ثم بعد ذلك يرجم أو يقتل، أو إنهم اعتمدوا في ذلك على الآية الكريمة واستندوا إليها حيث يقول الله سبحانه بعد الأمر بجلد الزانية والزاني مأة جلدة:
ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر؟
وكيف كان فاستفادة هذا المطلب مشكل إما على الأول فواضح وإما على الثاني فقد وردت الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير الآية أنه قال: في إقامة الحدود (1) هكذا في تفسير الصافي عن التهذيب، وعلى هذا فالآية الكريمة غير متعلقة بهذا المطلب ولا ربط لها به بل المقصود منها أن لا تحمل الرأفة