وإذا تكامل ما ذكرناه من هذه الشروط (1) صح الرهن بلا خلاف، وليس على صحته مع اختلال بعضها دليل، فأما القبض فهو شرط في لزومه من جهة الراهن دون المرتهن، ومن أصحابنا من قال: يلزم بالإيجاب والقبول لقوله تعالى:
* (أوفوا بالعقود) * (2) قال: وهذا عقد يجب الوفاء به (3) والقول الأول هو الظاهر من المذهب والذي عليه الإجماع.
وإذا تعين المخالف من أصحابنا باسمه ونسبه لم يؤثر خلافه في دلالة الإجماع، لأنه إنما كان حجة لدخول قول المعصوم فيه لا لأجل الإجماع (4)، ولما ذكرناه يستدل في المسألة بالإجماع، وإن كان فيها خلاف من بعض أصحابنا فليعرف ذلك، وأما قوله تعالى: * (أوفوا بالعقود) *، فلا يمتنع ترك ظاهره للدليل.
واستدامة القبض في الرهن ليست بشرط، بدليل إجماع الطائفة; وأيضا قوله تعالى: * (فرهان مقبوضة) * (5)، فشرط القبض ولم يشترط الاستدامة، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليه السلام: الرهن محلوب ومركوب (6) وذلك لا يجوز بالإطلاق إلا للراهن بلا خلاف.
ولا يجوز للراهن أن يتصرف في الرهن بما يبطل حق المرتهن، كالبيع والهبة والرهن عند آخر، والعتق، فإن تصرف كان تصرفه باطلا، ولم ينفسخ الرهن، لأن الأصل صحته، والقول بفسخه يحتاج إلى دليل شرعي، وليس في الشرع ما يدل عليه; وإنما ينفسخ الرهن إذا فعل ما يبطل به حق المرتهن منه بإذنه.
ويجوز له الانتفاع بما عدا ذلك، من سكنى الدار، وزراعة الأرض، وخدمة العبد، وركوب الدابة، وما يحصل من صوف ونتاج ولبن، إذا اتفق هو