وإن كان للدين مثل، بأن يكون مكيلا أو موزونا، فقضاؤه بمثله لا بقيمته، بدليل الإجماع المتكرر، ولأنه إذا قضاه بمثله، برئت ذمته بيقين، وليس كذلك إذا قضاه بقيمته، وإذا كان مما لا مثل له، كالثياب والحيوان، فقضاؤه برد قيمته.
ولا يحل المطل (1) بالدين بعد المطالبة به لغني، ويكره لصاحبه المطالبة به مع الغنى عنه وظن حاجة من هو عليه إلى الارتفاق به، ويحرم عليه ذلك مع العلم بعجزه عن الوفاء، لقوله تعالى: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * (2)، ولا يحل له المطالبة في الحرم على حال، ويكره له النزول عليه; فإن نزل لم يجز له أن يقيم أكثر من ثلاثة أيام، ويكره له قبول هديته لأجل الدين، والأولى به إذا قبلها الاحتساب بها من جملة ما عليه; كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
ولا يجوز لصاحب الدين المؤجل، أن يمنع من هو عليه من السفر، ولا أن يطالبه بكفيل، ولو كان سفره إلى الجهاد، أو كانت مدته أكثر من أجل الدين، لأن الأصل براءة الذمة من الكفيل، ودعوى جواز المطالبة به تفتقر إلى دليل، ولأنه لا يستحق عليه شيئا في الحال، فلا يستحق المطالبة بإقامة الكفيل.
ويكره استحلاف الغريم المنكر، لأن في ذلك تضييعا للحق وتعريضا لليمين الكاذبة، ومتى حلف لم يجز لصاحب الدين إذا ظفر بشئ من ماله أن يأخذ منه بمقدار حقه، ويجوز له ذلك إذا لم يحلف إلا أن يكون ما ظفر به وديعة عنده، فإنه لا يجوز له أخذ شئ منها بغير إذنه على حال، بدليل الإجماع الماضي ذكره، ويخص الوديعة عموم قوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *. (3) وإذا استدان العبد بغير إذن سيده فلا ضمان عليه ولا على السيد إلا أن