وقوله سبحانه: * (وامسحوا برءوسكم) * (1) لأنه لا بد لهذه الباء من فائدة، وإذا لم تكن فائدتها هاهنا تعدية الفعل - لأنه متعد بنفسه والكلام مستقل بإسقاطها - لم يبق إلا أن يكون فائدتها التبعيض. ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم من أنه صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ورفع مقدم عمامته وأدخل يده تحتها فمسح مقدم رأسه. (2) والفرض السابع: مسح ظاهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين; و هما الناتئان في وسط القدم عند معقد الشراك، والأفضل أن يكون ذلك بباطن الكفين، ويجزي بإصبعين منهما، ويدل على ذلك مضافا إلى الإجماع المذكور قوله تعالى: * (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) * (3); لأنه سبحانه أمر بمسح الرأس، ثم عطف عليها الأرجل، فوجب أن يكون لها بمقتضى العطف مثل حكمها، كما وجب مثل ذلك في الأيدي والوجوه، وسواء في ذلك القراءة بالجر والنصب.
أما الجر فلا وجه له إلا العطف على الرؤوس، ومن تعسف وجعله للمجاورة فقد أبعد، لأن محصلي علماء العربية قد نفوا الأعراب بالمجاورة أصلا، وتأولوا الجر في " جحر ضب خرب " على أن المراد " خرب جحره " مثل " مررت برجل حسن وجهه " ولأنه عند من جوزه شاذ نادر لا يقاس عليه، فلا يجوز و الحال هذه حمل كتاب الله عليه، ولوجود حرف العطف في الآية الذي لا يبقى معه للأعراب بالمجاورة حكم، ولأن الأعراب بذلك إنما يكون في الموضع الذي ترتفع الشبهة فيه، لأن من المعلوم أن خربا لا يجوز أن يكون من صفات الضب، و ليس كذلك الأرجل، لأنه كما يصح أن تكون مغسولة، يصح أن تكون ممسوحة، فلا يجوز أن يكون إعرابها للمجاورة لحصول اللبس بذلك.
وأما النصب فهو أيضا بالعطف على موضع الرؤوس (كما قال: