والنية هي أن يريد المكلف الوضوء لرفع الحدث واستباحة ما يريد استباحته به من صلاة أو غيرها ما يفتقر إلى طهارة طاعة لله وقربة إليه.
اعتبرنا تعلق الإرادة برفع الحدث، لأن حصوله مانع من الدخول فيما ذكرناه من العبادة.
واعتبرنا تعلقها باستباحة العبادة، لأن ذلك هو الوجه الذي لأجله أمر برفع الحدث، فما لم ينوه لا يكون ممتثلا للفعل على الوجه الذي أمر به لأجله.
واعتبرنا تعلقها بالطاعة لله تعالى، لأن بذلك يكون الفعل عبادة.
واعتبرنا القربة إليه سبحانه - والمراد بذلك طلب المنزلة الرفيعة عنده بنيل ثوابه، لا قرب المسافة، على ما بيناه فيما مضى من الأصول - لأن ذلك هو الغرض المطلوب بطاعته، الذي عرضنا سبحانه بالتكليف له.
واعتبار القربة في النية عبادة في نفسه، أمر الله تعالى به، ومدح على فعلها، ووعد سبحانه عليه الثواب.
ودليل الأمر بها قوله تعالى: * (واسجد واقترب) * (1)، وقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) * (2) لأن المعنى إما أن يكون افعلوا ذلك على رجائكم الفلاح به، وإما أن يكون افعلوه لكي تفلحوا.
ودليل مدحه سبحانه على ذلك ووعده الثواب عليه قوله: * (ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول إلا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته) * (3) فأخبر سبحانه عن باطنهم وما نووه من التقرب بالطاعة إليه، ومدحهم على ذلك، ووعدهم الثواب عليه.