طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة (1)، ولم يفصل بين ما كان معرضا للتجارة وبين ما ليس كذلك، وإذا ثبت ذلك في العبد والفرس ثبت في غيرهما، لأن أحدا لم يفصل بين الأمرين.
وتعلق المخالف بقوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * (2)، لا يصح لأنا نقول له: لم قلت: إن المراد بذلك الحق المأخوذ على سبيل الزكاة، وما أنكرت أن يكون المراد به الشئ اليسير الذي يعطاه الفقير المجتاز، من الزرع وقت الحصاد على جهة التبرع؟ وليس له أن ينكر وقوع لفظة " حق " على المندوب، لأنه قد روى من طريقه أن رجلا قال: يا رسول الله هل علي حق في إبلي سوى الزكاة؟ فقال عليه السلام:
نعم تحمل عليها وتسقى من لبنها. (3) ويشهد بصحة ما قلناه في الآية أمور أربعة:
أحدها: ورود الرواية (4) بذلك عندنا.
وثانيها: قوله تعالى: * (ولا تسرفوا) * (5)، لأن الزكاة الواجبة مقدرة، والسرف لا ينهى عنه في المقدر.
وثالثها: أن إعطاء الزكاة الواجبة في وقت الحصاد لا يصح، وإنما يصح بعد الدياس والتصفية، من حيث كانت مقدارا مخصوصا من الكيل، وذلك