وهذا بخلاف الموحدين في الجاهلية فإنهم معذورون عند الله في ما سوى التوحيد من التكاليف العملية وبالأخص مجهولة العلة حيث لا مناط ولا استقلالية للعقل بها، وبكلمة أن العقل عاجز عن الإدراك بأن عملا تعبديا ذا كيفية معينة وشرائط مخصوصة وأوقات معلومة هو مراد لله حتى يبعث رسولا.
وبناء على هذا المفهوم وانطلاقا منه فإن الموحدين من أهل الجاهلية ينزل عليهم قول القائل: بأن أهل الفترة ناجون فيما لا يدركه العقل ولم ينذر به المرسلون، ويتنزل على المشركين منهم ما رواه أبو داود في باب ذراري المشركين بسنده عن أنس بن مالك: " إن رجلا قال يا رسول الله: أين أبي؟ قال أبوك في النار " (1).
وأما ما رواه أحمد في ذيل الحديث المروي بسنده عن الأسود بن سريع أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار قال:
فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما) (2).
فمحمول على المشركين منهم كما في رواية أبي داود ولا مانع من امتحانهم لإظهار الحجة عليهم.
وأما ما يعتقده أخوتنا أهل السنة من نجاة أهل الفترة وحدوا أم أشركوا معتلين بقوله تعالى * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * (3) هو غير منسجم مع