كما في كلمات القوم فتدبره فإنه حقيق به، ولا تستوحش من مخالفته لكلمات الأعيان مع موافقته للبرهان المساوق للعيان.
ومنها: أن البيع الحقيقي الذي يترتب عليه الآثار عرفا وشرعا، وإن كان تمليكا تسبيبيا عقديا لا يوجد بنحو وجوده الخاص إلا بعد الايجاب والقبول المستجمعين للشرائط العرفية والشرعية، إلا أن السبب والشرائط كلا من علل الوجود ومباديه، لا من علل القوام ومما يتقوم به طبيعي البيع في حد ذاته، فالفرق بين كون المبيع عينا أو كونه ذا عوض، وكون البيع لا يتحقق إلا بالعقد الجامع لشرائط النفوذ، مع عدم كون مفهوم العين ومفهوم العوض جزء المفهوم والمعنى هو ما أشرنا إليه، أن المراد منه أن طبيعي التمليك له حصص، والحصة المقيدة بإضافة التمليك إلى عين لها عوض هي البيع، والحصة المقيدة بإضافة التمليك إلى المنفعة هي الإجارة، وهذا بخلاف السبب وشرائطه فإنها من مبادئ وجوده، ووجوده غير مقوم لمفهومه ومعناه فضلا عن علل الوجود ومباديه.
ومما ذكرنا تبين: أن تعقب الايجاب بالقبول لا خصوصية له في عدم دخوله في معناه، بل الايجاب كذلك، كما أنه بالنظر إلى وجود البيع الحقيقي لا خصوصية لدخالة القبول، بل جميع الشرائط كذلك، كما أنه بالنظر إلى التمليك الانشائي - بما هو تمليك انشائي - لا يعتبر إلا ما يتقوم به انشاء الملكية، وهو اللفظ المقصود به ثبوت المفهوم والمعنى تنزيلا وعرضا، ولا يعقل دخل انشاء معنى في انشاء معنى آخر، كما أن دخل انشاء القبول في تحقق العقد - بما هو عقد يتقوم بايجاب وقبول - من الواضحات، ولعل الخلط بين علل الوجود وعلل القوام، أو الخلط بين الوجود الانشائي والوجود الاعتباري أوجب هذه الأوهام وبالله الاعتصام.
ومنها: أنه قد حقق في الأصول (1) أن الانشاء والإخبار من وجوه استعمال اللفظ في معناه، مثلا مفهوم " ملكت " هي النسبة الايجادية المتعلقة بالملكية، واللفظ المذكور وجود له بالجعل والمواضعة، فتارة يتمحض استعمال اللفظ في معناه، بحيث لا