أحدهما: ما له وجود ذهني ووجود عيني.
وثانيهما: ما له وجود انشائي ووجود حقيقي يختص به في نظام الوجود، وهو في المعاملات وشبهها عين كونها معاني اعتبارية باعتبار العرف أو الشرع مثلا، فالمستعمل فيه في الطائفتين وإن كان نفس الطبيعي المجرد، إلا أنه في الأولى بمناسبة الحكم والموضوع تارة يستفاد إرادة نفس الطبيعي كما في باب الحدود وشرح الماهية، وأخرى يستفاد إرادة الموجود الخارجي كقوله " اسقني الماء " فإنه لوحظ المعنى المستعمل فيه فانيا في مطابقه الذي هو بالحمل الشائع ماء.
وكذلك في الطائفة الثانية تارة يستفاد إرادة نفس الطبيعي، كما في تحديد البيع أو تفسيره بلفظ أعرف منه، وأخرى يراد منه الموجود بأحد النحوين من الوجود الانشائي أو الوجود الحقيقي، الذي هو فيه عين الاعتباري بنحو فناء المفهوم في مطابقه أو العنوان في معنونه، ففي ما إذا كان المحمول مناسبا لمقام السبب - كالصحة والنفوذ والفساد وعدم النفوذ، أو أنه مشروط بكذا - يستفاد إرادة الانشائي، فإن هذا كله من لوازم السبب والمقتضي لا من لوازم المسبب وأحكامه، فإن التمليك الحقيقي لا نفوذ له، بل له وجود وعدم بديل له، وفيما إذا كان المحمول مناسبا لمقام المسبب كجواز التصرفات المترتبة على البيع تكليفا ووضعا يستفاد إرادة الحقيقي، فإن ذلك من لوازم التمليك الحقيقي دون الانشائي، فيفهم التمليك الانشائي في الأول، والتمليك الحقيقي في الثاني بمناسبة المقام.
نعم لا بأس باستفادة التمليك الحقيقي من قوله في مقام الإخبار " بعت داري " أو " باع زيد داره " لأن الثبوت المضاف إلى الطبيعي ذاتي في الحقيقي، فإنه نحو وجوده في نظام الوجود، دون الثبوت المضاف إلى الطبيعي في الانشائي فإنه عرضي، فإن الموجود بالذات هو اللفظ، والمعنى المقصود ثبوته باللفظ - وهو عين انشائيته - له ثبوت تنزيلي عرضي.
والظاهر من حكاية الثبوت هو ثبوت الشئ حقيقة لا ثبوت شئ آخر ينسب إليه بالعرض والتنزيل، وإلا فلا وجه له، لما مر من عدم المجال للتبادر وصحة السلب،